فهد بن جليد
الأهم برأيي من توظيف النساء في وزارة العدل -التي هي خطوة مُتقدمة وهامة دون أدنى شك- هو نوعية هذا التوظيف، والمؤهل العلمي لهذه الكوادر النسائية التي ستضيفها الوزارة إلى أعداد موظفيها، فالمسألة لم تعد فقط فتح المجال للنساء للعمل في الوزارة -مع اتساع مشاركة السعوديات في كافة المجالات- بل البحث عن نوعية جيدة من الموظفات لإحداث الفارق في خدمة المرأة المتعاملة مع وزارة العدل، وهذا يحسب للوزارة التي فتحت مجال التقديم على الفُرص الوظيفية للحاصلات على درجة الماجستير في التخصصات الشرعية والقانونية والاجتماعية والإدارية، كمرحلة أولى للاستعانة بهنّ في وظائفها الرسمية، وبكل تأكيد أنَّ تسديد الشواغر في المراتب الأقل يأتي لاحقاً حسب الاحتياج.
في كل مرة يتم فتح المجال للاستعانة بالنساء في بعض القطاعات، نجد أنَّ الأعين تنشغل فوراً بمجرَّد فتح الباب أمام توظيف النساء، يعقب ذلك تصفيق حار للخطوة وترحيب بحضورهنّ على المشهد حتى لو لم يتجاوز ذلك زيادة أرقام الموظفين دون تأثير على مستوى الخدمة فيما يشبه البطالة المُقنعة -ولكن هنا- نحن أمام تجربة ناضجة، استفادت من كل الخطوات السابقة لمختلف الأجهزة العامة والخاصة، وكأنَّ الوزارة تعرف ماذا تريد بالضبط من كل امرأة سيتم توظيفها، وما تتوقعه منها، بعد تحديد المسمى والمؤهل والمهام، وهو ما سينعكس حتماً على جودة الأداء في التفاصيل النسائية القضائية والعدلية، وتسهيل الخدمة للمُستفيدات والمتعاملات مع المحاكم وكتابات العدل، لناحية الاستقبال والإرشاد، وإدارة صحائف الدعاوى والمواعيد، ووحدات الصلح والإرشاد الأسري في محاكم الأحوال الشخصية، مع استحداث أقسام جديدة مختصة بشكاوى المُستفيدات ومتابعتها -بحسب تصريح وزير العدل-.
الاستعانة بالمرأة في الوظائف الإدارية بوزارة العدل خطوة موفقة في الطريق الصحيح، فالحاجة ماسة بالفعل لمشاركة النساء في تفاصيل قضايا النساء وإدارة ملفاتهنّ الخاصة خصوصاً في قضايا الحضانة والمشكلات الأسرية وبحثها والوقوف على حيثياتها في محاكم الأحوال الشخصية، وإن كانت هناك أصوات تطالب بمنحهنّ كادراً وظيفياً كـ(كاتبات عدل) بحيث لا يتعدى ذلك الوكالات والعقود وتوثيقها، في ظل السماح للمحاميات بمزاولة المهنة رسمياً -وهي برأيي مطالب مبكرة- فعلينا أن نشيد بالخطوة التي اتخذتها وزارة العدل مؤخراً، ونثمنها عالياً، ونرقب أثرها أولاً حتى نعرف مدى استعدادنا لما هو أبعد من ذلك.
وعلى دروب الخير نلتقي.