زكية إبراهيم الحجي
على الرغم من أن العنف الأسري الموجه نحو الأبناء قديم قدم التاريخ إلا أنه لم يحظ بالاهتمام الملائم إلا في الآونة الأخيرة حيث يمر العالم بأسره بمرحلة حافلة بالاهتمام على صعيد الدول والشعوب والطفولة.. وذلك من خلال ما نشهده من مؤتمرات تُعقد وندوات تُقام ومبادرات تُطرح خاصة ما يتعلق بالطفل والطفولة وما يحيط بها من أنماط السلوكيات التي تؤثر فيها إما سلباً أو إيجاباً.
قضية العنف الأسري ضد الطفل يعد بأشكاله المختلفة من القضايا التي ظهرت على السطح بشكل متزايد ومؤرق للمجتمع..خاصة إذا علمنا أن هذا العنف يُمارس في بيئة مغلقة وجزء كبير منه يُتكتم عليه مما جعل هذه الظاهرة تنمو بشكل نسبي.. وبالتالي بدت السيطرة عليها تكاد تكون أمراً شبه مستحيل فالظاهرة تتراوح ما بين حدود خارجة عن الإرادة المجتمعية والمطالبة بحلول لمعالجتها وذلك من خلال سنِّ قانون يضبط أسلوب التعامل مع الأطفال الذين يعانون من العنف الأسري أياً كان نوع هذا العنف.. السؤال الذي يُطرح ترى هل يعي الآباء بأن للأبناء حقوقاً عليهم.
عنف الوالدين أو أحدهما تجاه الأبناء أو أحدهم ليس بالأمر الهين البسيط لما يترتب عليه من نتائج غاية في الخطورة وليس شرطاً أن تتشكل هذه النتائج مباشرة لكن مع ازدياد تعنيف الأبناء سواء كان تعنيفاً لفظياً أو جسدياً تبقى صور ومشاهد التعنيف عالقة في أذهانهم في سلسلة تراكمية لتظهر آثارها بشكل مفاجئ من خلال مواقف تثير استفزازهم ولا يستطيعون معها صبراً.
وبالرغم من جدار الصمت الذي يلف هذه الظاهرة تقريباً ولأنها تحدث خلف أبواب الأسرة المغلقة لذا يصعب علينا الإجابة على السؤال التالي.. ترى كيف تبدو ظاهرة العنف ضد الأبناء داخل المنزل وذلك لتشخيص المشكلة وتحديد الأسباب والعوامل التي تقف وراءها وهل تقوم على منظومة فكرية عقائدية وأخلاقية.. أم أنها غريزة متأصلة عند الوالدين أو سمة اجتماعية..كالتفكك الأسري والخلافات الزوجية أو اقتصادية تعيشها الأسرة وترجع إلى تزايد معدل الفقر والبطالة في البيئة الأسرية.. أم أنها تعود إلى غياب الوعي والإدراك بأساليب التنشئة السليمة.. أم أنها تأخذ أشكالاً متعددة مرتبطة مع بعضها البعض بتجليات مباشرة وغير مباشرة.. خفية وعلنية.
عموماً يمكن القول إن تعنيف الأبناء من قبل الوالدين أو أحدهما وبشكل متعمد ومستمر وسواء كان تعنيفاً لفظياً أو بدنياً يحتاج إلى جهود مكثفة من كل المعنيين بالأمر وتتمثل ملامح هذه الجهود في وضع الضوابط الكفيلة بتوفير حماية للأبناء من كافة أشكال العنف والضرر والإساءة البدنية والعقلية أو الإهمال أو الاستغلال مع متابعة تنفيذ كافة التدابير القانونية اللازمة حيال مرتكبيها.