أ.د.عثمان بن صالح العامر
تشهد مهنة المحاماة في المملكة العربية السعودية خطوات متسارعة وتوسع أفقي ورأسي لا يخفى على المواطن العادي البسيط الذي لم يعرف طريق المحاكم من قبل، فضلاً عن المنضوين تحت المظلة العدلية، وكذا الباحثين المختصين المهتمين برصد تحولات وتطورات القضاء السعودي اليوم، مثلهم في ذلك مثل المتبنين لحقوق الإنسان المدافعين عن قضاياه أيًا ما كانت طبيعتها «عامة» أو «إدارية»، وهذا يعني باختصار أننا نعايش مرحلة جديدة في باب الحقوق والواجبات، توجب على المسئول- مهما علا منصبه وكثرت ألقابه- أن يعرف بكل دقة ومهنية حدود صلاحياته المخولة له وظيفيًا، والمهام المترتبة على شغله لهذا المكان الذي تسلمه جراء ثقة ولي الأمر به أو ثقة من أنابه عنه، كما أنه من الضروري أن تقوى الإدارات القانونية في القطاع الحكومي سواء بالوزارات أو الإدارات المتوسطة في المناطق وتوسع دائرة المهام المنوطة بها، فلا يقف دور هذه الإدارات عند الرد والمرافعة وتحرير صحف الدعاوى أمام ديوان المظالم، بل عليها مسئولية توعية القيادات الإدارية بخطورة بعض التجاوزات التي تحصل من القائد أو المدير أو من هم أقل جراء العرف الإداري المتبع من قبل، أو من باب الجهل وعدم الدراية بأن هذا الأمر أو ذاك من الأمور المجرمة في النظام. لقد اطلعت على قضايا رُفعت لديوان المظالم ضد وزارات وإدارات وكسب المواطن القضية، مما ترتب عليه الحكم بالتعويض النقدي للمواطن المتضرر جراء الخطأ الذي اقترفه الموظف المختص في هذه الدائرة الحكومية، وربما كان تصرفه عن حسن نية أو من باب الفزعة والثقة التي لم تكن في محلها، وقد يكون العكس، إهمال منه وعدم اكتراث، أو اعتقاد مغلوط أنه فوق المساءلة وليس من واجبه بذل الجهد في الوفاء للمواطن وتلبية حاجته حسب حقه الذي منحه إياه المنظم السعودي، وما قرأته وسمعت عنه قد يكون أمراً بسيطاً لا يقارن بما هو حادث من قبل بعض المسئولين الذين ما زالوا- للأسف الشديد- يخلطون بين الاعتبارات الوظيفية والشخصية، ويمارسون الضغط على الموظف ويشوهون السمعة ويستغلون السلطة وهم يعتقدون أنهم يحسنون صنعا، وقل مثل ذلك عن سلوك الموظف الذي لا يعي متطلبات الوظيفة التي يشغلها!! إن على كل مسئول وموظف أن يثقف نفسه ويوعيها بشكل جدي حتى لا يجر دائرته الحكومية للمساءلة القانونية يومًا ما، وأقترح في هذا الباب على معهد الإدارة والأقسام العلمية المتخصصة في جامعاتنا السعوديةعقد دورات تأهيلية في الأنظمة السعودية يتعرف فيها المسئول- سواء أكان هذا المسئول إداريًا أم ماليًا أو أكاديميًا- على أبرز وأهم المواد النظامية التي يجب عليه أن يكون وقافًا عندها وحذرًا من الانزلاق في مغبة مخالفتها، لخطورتها وكثرة المقارفين لها علموا مخالفتهم للنظام أم لم يعلموا، والأمثلة والقصص في هذا الباب لا تحصى، ومن شاء الاطلاع على طرف منها فليرجع إلى المدونات القضائية في موقع ديوان المظالم التي تعد مفخرة في الرصد والتنقيح، وجزمًا سيجد العجب خاصة في باب التعويض، ولذا وجب التنبيه فالزمن اليوم خلاف الأمس وجزمًا غدًا سيكون حاله غير حال اليوم مسألة وقضاءً.
دمتم بسلام، وتقبلوا صادق الود والسلام.