م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - ورد في كتاب «الكتب الممنوعة» للمؤلف (ماريو إنفليزي) أن بداية ظهور الرقابة كان قبل ألفي عام في عهد القيصر الروماني «طيباريوس».. وأن السبب في ظهورها هو كتابات (كريموسيوس كوردو) التي راح ينعي فيها فضائل الجمهورية الرومانية التي انتهت بالقيصر (كاسيوس) كآخر الرومان.. فصدر أمر مجلس الشيوخ الروماني بحرق مؤلفاته وكتبه.
2 - ارتبط ظهور الرقابة على الكتب بفكرة أن الرقابة تسهم في خلق مجتمع متجانس مترابط منظم.. من خلال توحيد مصادر التلقي.. وأن الاتفاق على رأي واحد هو الحل الأمثل لإيجاد مجتمع سليم.
3 - في عام (1472م) كَوَّن الأسقف الإيطالي (نيكولا بيروني) لجنة تقوم بإعطاء التصاريح بطباعة الأعمال الأدبية الكلاسيكية.. ومنها انتشرت ظاهرة التصريح بالطباعة أو منعها.. وكانت تلك اللجنة تتحكم بها الكنسية في المقام الأول.. ثم تطور الأمر إلى أن أصبح التصريح ببيع الكتب أو منعها حقاً مقتصراً على الكنيسة.. أما صدور أول نظام موحّد للرقابة على الكتب فقد كان عام (1515م) وأصدره (البابا ليون العاشر) إلى الأمة المسيحية.. وعندها تطورت الرقابة على الكتب من خلال قانون منح امتياز الطباعة للمستثمرين.. الذي جعل المستثمر هو الرقيب الأول حتى لا يفقد الامتياز.
4 - البابا (ليون العاشر) هو الذي أصدر قرار طرد (مارتن لوثر) من الكنيسة الكاثوليكية عام (1520م) وحكم بحرق كل مؤلفاته بزعم التطاول على الكنيسة.. وبعدها سادت القوة الرقابية على الطباعة على كامل أوروبا.. حتى وصلت في عهد البابا (بولس الثالث) عام (1542م) إلى إقامة محكمة تفتيش رومانية.. وهي محكمة مركزية لها فروع في كل منطقة.. وهدفها المطلق هو قمع الهرطقة.. ويقصدون بالهرطقة كل ما يخالف الكاثوليكية ويبشّر بالبروتستانتية.
5 - التقت الرغبات السياسية مع الإرادة الدينية على أهمية الرقابة.. لكنهم اختلفوا على من يحق له إصدار التراخيص أكثر من اختلافهم على ما يجب منعه.. ثم صار الأمر أن التصريح بالطباعة يصدر من المجلس الملكي.. أما الرقابة وأمر مصادرة وحرق الكتب - حتى لو كانت مرخصة - فتكون من اختصاص محاكم التفتيش.. ولم تقتصر رقابتهم على الكتب الإلحادية، بل تجاوزتها إلى كتب الآداب والعلوم وغيرها.. مما أوقف تدفق الألق الفكري في أوروبا والذي بدأ مع العقود الأولى من القرن السادس عشر.. أما أشهر حالات الرقابة فهي التي تمت في العاشر من شهر مايو (1933) حينما أحرق النازيون كل كتب الليبراليين والديمقراطيين وكل إنتاج لا يؤمن بتفوق العرق الآري أو زعامة الحزب النازي.
6 - للحديث بقية.