سماحة الشيخ العالم العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
- عليه من الله شآبيب العفو والرحمة والرضوان -
تأليف: د. عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين
قراءة: حنان بنت عبدالعزيز آل سيف
(بنت الأعشى)
الشيخ الإمام عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين علّامة وعلامة أعجوبة عصره، وفريدة دهره، شيخ معتم جليل، هامته في الثمانين، وهمته في العشرين، لله درّه:
فبين ناظري كتاب نضير، يكتبه فلذة كبد بصير، كسر القاعدة (أزهد الناس في العالم أهله)، بل قال: (أثرى الناس في العالم أهله). الكتاب يصنفه المصنفون فيما أُلِّف عن أبيه، وفي مقدمته كلام أخاذ مقنع سلسبيل: (لئن كنت سبقت غيري إلى جمع سيرة الوالد - رحمه الله - وترك الناس ذلك لي إحساناً منهم للظن بي، فقد سبقني الكثير من محبيه إلى تسطير خواطرهم، وذكر مواقفهم معه - رحمه الله - وفاء لشيخهم، ورداً لجميله، وتقديراً لمكانته). والسؤال الطارح نفسه: ما الذي يحكيه الكتاب؟ والجواب على لسان الابن المؤلف - رعاه الله -: (هذه السيرة تحكي كل ما استطعت جمعه من حياة الوالد - رحمه الله - سواء الأحداث والوقائع، أو المواقف والمناهج، أو الرؤى والتوجهات). وأصدق شاهد على جلالة مقام الشيخ مدائح رجالات الزمان ونوابغ الأنام لفضيلته، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك الهمام سلمان بن عبدالعزيز - طيب الله أثره وثرياه -، ومن الأقران والمريدين الذين أحبوه حباً جماً؛ فذرفت القلوب، وأخضلت القروح، سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ الجليل عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، والشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، والدكتور الشيخ عبدالله بن عبدالمحسن التركي - مد الله في مداهم -. والكتاب برمته أخاذ، ونيراته خلاب، ومن ذلك وسم مبين، عنونته (إضاءات)، وهو شهادات فخرية، أظهرت بصدق معالم سماحة الشيخ العالم العلّامة عبدالله بن جبرين - غفر الله له -. ويحوي الكتاب ثمانية أقسام، هي الآتية: القسم الأول: البيئة الخصبة. القسم الثاني: التكوين المسدد. القسم الثالث: العطاء المتجدد. القسم الرابع: الشخصية الفذة. القسم الخامس: العقيدة والعبادة. القسم السادس: شيخ الأمة. القسم السابع: مناهج متقنة. القسم الثامن: الرحيل. ويحوي كل فصل من الفصول السابقة عناوين جانبية مهمة، يعسر تتبعها لتفرعها وكثرتها، وهي توحي بموسوعية الكتاب وكمه وكيفه.
وفصول الكتاب ماتعة جامعة، ومنها - من وجهة نظري - بحث من مباحث القسم الرابع: الشخصية الفذة، وهو: الوقت في حياة الشيخ، وحرصه عليه أشد الحرص، وتقسيمه له أدق التقسيم:
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
وأخيراً:
فقد أمتعنا المؤلف - أمتعه الله - وآنسنا سيرة غيرية طويلة جدًّا، تقص الأثر، وتأتي بالخبر.. أتى بها بالأخضر واليابس، والشارد والوارد، والقلة والجمة.. حق وحقيقة إنها صورة فوتوغرافية دقيقة كل الدقة، واضحة كل الوضوح، مبينة مفصحة كل الإبانة، والفصاحة، تعكس الأصل، وتصور الشموخ والهمة والإرادة والطموح والإباء والعزيمة التي شكلت شخصية عالم الأمة، وإمام الهمة، سماحة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، جبر الله فراقه، وسد ثلمته بعلمه، وسقاه كوثر النعيم، وأسكنه العليين.. ومن أرَّخ لمؤمن فكأنما أحياه.