ناصر الصِرامي
هل كنا نتوقع ما حدث ويحدث في المملكة في أكثر خيالاتنا توهجا أو تفاؤولا..؟!
هل فعلا ما نشهده على كل المحاور محليا وإقليميا ودوليا، وعلى كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والرياضية والثقافية... وكل هذه المبادرات تعد بالفعل أمرًا مفاجئاً..؟!
الحقيقة أن المتتبع للإدارة والإرادة الملكية، منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، يمكن أن يرى حجم التحولات من الأسبوع الأول، والتي بدأت في إحداث تغير شامل في الإدارة الحكومية على أعلى المستويات، تغيرات تبعها تدقيق وتصحيح على أداء الوزراء وكبار مسئولي الدولة، إعفاء كل من أخفق في الإدارة أو المسئولية. أو تحويلهم للتحقيق لأسباب تتعلق بتهم اختلاسات -مثلاً- أصبحت أطول من كل تخيلاتنا السابقة.
وهو ما يظهر طبيعة المرحلة التي يقودها ملك حازم وصارم جداً، وولي عهد يتحلى بالعزم والشجاعة للقفز بالمملكة العربية السعودية نحو المستقبل.. وهذا خيارنا الأوحد.
لنأخذ الآن أكبر حملة في تاريخ البلاد لمكافحة الفساد، وتقليم أظافره التي عبثت طويلاً بمواردنا وخيرات وطننا، وبعد صبر طويل تحولت مكافحة الفساد في بلادنا إلى عنوان يغطي الكون بأكمله. يظهر جدية واستمرارية فعلية وغير مسبوقة على المستوى الاقليمي والعربي والدولي!
لكن أعود لعنوان المقال: ماذا يحدث في المملكة اليوم؟!.، هل كل هذا الذي يحدث مفاجئ..؟!.
أعتقد أن المفاجأة هي في السرعة ودقة التنفيذ، بدءاً من الترفيه، الذي غير الكثير اجتماعيا وأسقط خيالات قديمة حرمتنا الفرح في وطننا، وللمعلومية فإن من بين أهداف الرؤية رفع إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه داخل المملكة من (2.9%) إلى (6%).. وهذا سر التوسع الكبير في الأنشطة الترفيهية محلياً.
موضوع قيادة المرأة للسيارة، كانت قصة غبية وعقيمة، لكن القرار الشجاع ليس مفاجأة أيضاً، حيث لا يمكن رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من (22%) إلى (30%)، كما نصت الرؤية دون منح المرأة حق حرية الحركة والتنقل أولاً، وهو ما تم.
المملكة تكافح الفساد اليوم بشكل ملفت ومبهر، هو في الحقيقة أيضا، كان أحد العناوين الرئيسية التي حملته رؤية المملكة 2030 في نسختها الأولى والتي باركها الملك ويتولى تنفيذها سمو ولي عهده. والتي نصت على مكافحة الفساد وتعزيز هذه المكافحة بكل الوسائل الممكنة، «الفساد موجود في كل المجتمعات وفي كل الحكومات وبنسب متفاوتة. الذي يهمنا اليوم ان نكون في مقدمة الدول في مكافحة الفساد». يقول الأمير محمد بن سلمان.
وهذا ما يحدث اليوم في الداخل، ومن أعلى الهرم دون استثناءات، مجدداً سرعة التنفيذ للوعود وتحويل الأقوال إلى أفعال بهذا المستوى هو عامل الصدمة عند البعض ليس إلا...!
ليس ذلك وحسب بل وحملت وثيقة سمو ولي العهد الاصلاحية نقاطاً عدة، وجلها لا يمكن تحقيقه دون ضرب الفساد ، الفساد والترهل الإداري الذي لا يجعل أي مراقب خارجي، ولا المواطن في الداخل يستوعب -مثلا- ان يكون السكن شحيحاً في مملكة شاسعة الاطراف!، او ان تبلغ البطالة بين المواطنين العاطلين عن العمل نحو 12%..!
إنه الفساد والمصالح الضيقة على حساب الوطن وكينونته ومستقبله، هي من أوصلتنا لذلك، لذا فإن ما يحدث مهم جداً، بل وضروري جدا جدا جدا.. وهذا سر الدعم الشعبي الهائل لقرارات ملك حزم تاريخي وولي عهد لا يتردد عن الإصلاح والتصحيح والتنفيذ.