عبد الله باخشوين
أعتقد أن التحقيق في قضايا (الفساد) المالي والإداري.. الذي سنه رائد التحديث الملك سلمان بن عبدالعزيز.. هو -أولاً- إعادة صياغة لمفهوم (التربية الوطنية) الذي كان يشوبه كثير من اللبس لعدم إقرار مفهوم (الثواب) و(العقاب).. إذ لم تكن هناك قوانين صارمة يحاسب في ضوئها المقصر والفاسد والمرتشي والمتلاعب بـ(المال العام).
لأن مفهوم (المال العام) يعني كل الوطن ومواطنيه.. وليس حكرًا على طبقة أو فئة أو فئات تتلاعب به وتهدره.. دون وازع من ضمير أو خوفًا من الله أو خشية تساؤل ومساءلة.. وهو أمر كاد يصل بالمواطن إلى نوع من (اللا مبالاة) تجاه ما يعلن عنه من مشروعات ذات أرقام فلكية.. أصبح -المواطن- يدرك أن لها (إنفاقًا) وممرات - قد تنتهي بالذهاب إلى (البحر) ولا يرى منها شيئًا.. وقد يكلف ما ينجز منها ما لا يزيد عن ربع المبلغ الفلكي المرصود ويكون مشروعًا يعادله بعد سنوات قليلة رصد (ميزانية) أخرى لإعادة تأهيله.
أما -ثانيًا- فقد قام رائد التحديث بإعادة صياغة العلاقة المباشرة بين القائد وكل أبناء الشعب على أسس متينة تتوجها الشفافية والصدق والحزم الذي يتخذ شرع الله وسنة نبيه الكريم في إقرار مفهوم (الأمانة) التي أؤتمن عليها المؤتمن كطليعة لخدمة أبناء الشعب والعمل بإخلاص في مهمة بناء الوطن لضمان مستقبل جميع أبنائه.
طبعًا لا يمكن القول أن هذه الخطوة التاريخية الجبارة التي قام بها رائد التحديث سلمان بن عبدالعزيز.. لا يمكن القول إنها تأخرت.. لكن يمكن القول أنها أهم إنجاز في تاريخ الدولة السعودية الحديثة. إنها أهم إنجاز ينقذ مستقبل هذه البلاد الرائدة.
إن خطط البناء الاقتصادي الجديد الذي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان تجعل الآفاق الريادية لبلادنا تتسع.. وتخرج من إطار التخيل والتوقع.. وتتخطى سقف أحلام المواطن وطموحه وخياله.. إنها تسعى لأن تلامس أبعد نقطة يقترحها مستقبل الخليج والبلاد العربية.. وتجنح للعالمية لتخاطبها بلغتها العلمية ومفاهيمها التقنية والعمرانية والاقتصادية.. غير أن هذه الرؤية.. والأحلام والخطط.. كانت سوف تظل مهددة بما يمكن أن نطلق عليه (ميراث الفساد) الذي استشرى وعاث.. ولم يكن من الممكن لغير سلمان بن عبدالعزيز أن يلجمه ويقف في وجهة.. كأهم خطوة يجب اتخاذها لضمان مضي مسيرة المستقبل المأمول دون تعثرات تلجم وتحبط وتجهض.. وهي بالمعنى البسيط في مفهوم (الرياضة الأولمبية) أشبه بسباق (التتابع) حيث يجهد حامل (الراية) في قطع أصعب المسافات - أولها.. ليكون أول الواصلين لمن سيحمل الراية من بعده.. متيحًا له فرصة إكمال المسافة بخطوات تخلو من التعثر.
لذا نقول.. سلمان بن عبدالعزيز.. رائد التحديث في الجزيرة العربية والخليج وكل العالم العربي من حولها.. ونقول إن ولي عهده الأمير محمد بن سلمان شاب ذو حظ عظيم وهو يتطلع بثبات وإعجاب لما تلهمه خطى هذا القائد الفذ.
طبعًا.. نحن حاليًا.. لا نعلم ما هي خطوط وخطوات هذا الإنجاز الإصلاحي الذي أمر به الملك سلمان ويترأسه ولي عهده للقضاء على الفساد.. غير أنني وفق تصوري البسيط.. أعتقد أنه لا بد أن يتم بأثر رجعي.. وأعتقد أن العودة لتتبع آفاقه وحركته يجب أن تعود إلى بداية المرحلة الشائكة أو الحرجة في الفساد مع تطور مسيرة المملكة العربية السعودية، والله ولي التوفيق.