صيغة الشمري
خلال عملي لسنوات طويلة في القطاع الخاص واحتكاكي بالمجتمع الاقتصادي -إن جاز لي تسميته بذلك- أكثر من أي مجتمع آخر لمحت إلماماً كبيراً في فهم المسؤولية المجتمعية، فبعض أعمدة القطاع الخاص وعرابية عندما تناقشهم عن دورهم في المسؤولية المجتمعية تشعر أنك أمام إنسان مخلص على أتم الاستعداد لرد الجميل إلى مجتمع وطنه، الكثير منهم لديه رغبة وطنية صادقة للمشاركة في أي مشروع تتوفر فيه جميع أركان المسؤولية الاجتماعية.
هناك الكثير من أعمدة القطاع الخاص كبعض الشركات والبنوك قامت بإنشاء إدارات كبيرة يعمل بها عشرات الموظفين لخدمة هذا الغرض النبيل، ولكن يصطدم القطاع الخاص أثناء قيامه بدوره من منطلق مسؤوليته المجتمعية بجدار يقف في وجهه دون مبرر من صنع القطاع العام، منذ سنوات طويلة ونحن نحذر من إهمال هذا الجدار بين القطاعين حتى لا يبلغ سمكاً يصعب معه هدمه أو حتى القفز من فوقه.
غاب عن الطرفين أنهما شركاء في ملكية قارب التنمية ينتميان لذات الوطن وذات المجتمع، القطاع العام يتعامل بود مصطنع مع الخاص مما عطل كثيراً من دفع عجلة مشروعات المسؤولية الاجتماعية، والقطاع الخاص لا يجد نفسه قادراً على العمل في هذا المجال دون مظلة لوجستية من القطاع العام، لذلك كان لزاماً على القائمين بأمر مجتمعنا القيام بدور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، لن نشاهد الكثير من المشروعات الاجتماعية إن لم تقم وزارة الشئون الاحتماعية بتأسيس فرع متخصص بمشروعات المسؤولية الاجتماعية يتولى إمداد القطاع الخاص بكل المشروعات التي تناسب توجهاتهم مع التكفل بالتنسيق مع القطاع العام حتى لا يتحمل (الخاص) وزراً لا دخل له فيه.
قبل خمس سنوات تقريباً حضرت ورشة عمل حول فكرة إنشاء مجلس وطني مقترح للمسؤولية الاجتماعية تحت مظلة مجلس المسؤولية الاجتماعية التابع للغرفة التجارية بالرياض برعاية الأمين العام للغرفة آنذاك الأستاذ حسين العذل والذي كان من الرجال المخلصين للدور الاجتماعي والمسؤولية المجتمعية.. وقد حضر عدد من المهتمين والناشطين بهذا المجال وقد رفعنا توصيات واقتراحات مفيدة، لكن للأسف لم نر شيئاً تحقق حتى هذه اللحظة.
لذلك أتمنى أن يتم إنشاء هيئة أو جمعية تهتم بهذا الدور وتلعب دور الوسيط بين القطاع الخاص والعام لتسهيل المبادرات الاجتماعية وتقوم بفرزها وتوزيعها على البنوك والشركات حسب النشاط والقدرة، فالمسؤولية المجتمعية هي قيمة حضارية لأي مجتمع، ولن يتطور المجتمع إلا بتكاتف كافة مؤسسات الدولة في إحداث التأثير الإيجابي.