يوسف المحيميد
من أغرب المقولات الساذجة لبعض عرب الشمال أن السعودية تشعل الفتن والحروب في كل مكان، وليست تدافع عن أرضها وأمنها وسلامتها، ضد ميليشيات مسلحة انقلابية، تتلقى الدعم والتسليح من إيران التي تعترف بل وتتبجح بتصريحات رسمية أنها تُسقط العواصم العربية واحدة تلو الأخرى، وهي تشيع الفوضى والقتل والدمار والخراب في العالم العربي.
من يقنعنا بأن شرذمة انقلابية تمتلك صاروخاً باليستياً يعبر أكثر من ألف كلم، تستهدف الرياض أو أبوظبي، دون أن تزودها به ميليشيا حزب الله، ذراع إيران في المنطقة؟ من يقنعنا بأن هؤلاء ليسوا سوى أدوات ودمى يأتمرون بتعليمات طهران؟ ومن يقنعنا أن طهران ليس له أطماع استعمارية في المنطقة، منذ ثورة الملالي، وتصريحاتهم بأن هدفهم الأول والأخير تصدير الثورة، وها هم يفعلون ذلك بخبث بعد ما يقارب أربعين عامًا!
ومن يلاحظ ما يحدث، يكتشف أن بعض هذه الدول، والساسة، والشعوب، تنبهت مؤخرًا إلى أن حلفها مع إيران لم يكن سوى فخ تورطوا به، بعد خراب (مالطا)، فماذا جنى العراق من الساسة المتضامنين من طهران، وماذا كسبت سوريا ولبنان واليمن؟ وماذا ستكسب قطر من (الشريفة) إيران؟ لا شيء سوى التبعية والخضوع المطلق، والخراب المستمر والعداء المتنامي بين طوائفها ومذاهبها التي تعايشت لعقود طويلة بسلام، قبل أن تشيع إيران بينها العداء والحقد والانتقام!
وليت الأمر توقف عند ذلك، بل عملت بخبث على التحرش بوطننا العظيم عبر وكلائها في المنطقة، صحيح أنها أكثر جبنًا من أن تتقصدنا مباشرة، لكنها تمادت ودعمت هؤلاء الإرهابيين بالأسلحة والصواريخ، وكأنما تريد المزيد من الحرب والقتل، وتسعى إلى جر أقدامنا وإشغالنا بحروب أخرى، وهي تمنح وكلاءها الفرصة للتمرد على حكومات بلدانهم، وتتطاول بتهديد أيّ من الساسة بالقتل، ممن لا ينفذ أجندتها، حتى لو كان رئيسًا للجمهورية، فمتى تكف مراهقاتها في المنطقة العربية، وتعود إلى رشدها وحجمها، ومتى يتوقف المرتزقة من عرب الشمال عن التطاول، ويتخلصوا من هيمنة الميليشيات التي تحكمهم؟ كي يعود العالم العربي إلى استقراره.