محمد آل الشيخ
أن تتعامل مع رأس الأفعى مصدر السم أفضل لك من أن تشغل نفسك وتضيع وقتك بالتعامل مع ذنبها. هذه هي المعادلة التي يبدو أن المملكة وحليفها الأمريكي قررتا التعامل معها مباشرة وبقوة فيما يتعلق بأزمتنا مع الإيرانيين عمومًا، وتحديدًا انقلابيي اليمن. ويبدو أن الصاروخ البالستي الذي أرسله الإيرانيون إلى الرياض مؤخرًا من خلال حوثيي اليمن كان بمنزلة القشة التي ستقصم ظهر البعير الإيراني، وأذرعته التخريبية في المنطقة، وعلى رأسها ميليشيات حزب الله. حكومة لبنان الرسمية تشمل أعضاء من هذا الحزب الإرهابي؛ كما أن القرار الرسمي اللبناني يسيطر عليه، ويوجهه، ويتحكم فيه، ميليشيا هذا الحزب، وقد حاول رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري أن يستميل التوجهات المتحالفة مع تلك الميليشيات، إلى مصالح لبنان الداخلية والإقليمية بدلاً من أن تكون مطية لذلك الحزب العميل، طوال عمر الحكومة اللبنانية التي رأسها، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل الذريع، الأمر الذي انتهى بتقديمه لاستقالته. استقالة الحريري أحدثت دويًا سياسيًا في الداخل اللبناني، وجعلت المواطن اللبناني يشعر بالمأزق الذي وضعه حزب الله فيه، وخصوصًا أن انعكاسات هذا المأزق بدأت تتضح له، بعد أن منعت المملكة ودول الخليج مواطنيها من السفر إلى لبنان، وكذلك فعلت كبريات دول الغرب، ما يوحي أن ثمة خطوات جادة سيتخذها العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تجاه هذا الحزب، الذي هو أحد أذرعة إيران التخريبية في المنطقة.
والسؤال الذي يطرحه كثيرون من اللبنانيين: كيف ستكون هذه المواجهة؟.. هل هي عسكرية، أم ستكون من خلال العقوبات الاقتصادية. الأقرب أن الخيار العسكري مستبعد حاليًا، نظرًا للتبعات التي سيجرها هذا الخيار على الأمن والاستقرار في المنطقة، وعلى لبنان خصوصًا، لذلك فالعقوبات الاقتصادية المحكمة هي الخيار المحتمل، من خلال التضييق على المصارف اللبنانية، لا سيما أن الحوالات الواردة إلى لبنان من المغتربين اللبنانيين، تمثل بالنسبة للاقتصاد اللبناني مصدرًا مهمًا لتمويل النشاط الاقتصادي في الداخل اللبناني، وحينما يتم التضييق على هذه البنوك، ومنعها من التعامل مع هذا الحزب العميل أو من يتحالفون معه، فإن ذلك سيضرب الدولة اللبنانية في مقتل؛ ويبدو أن الرئيس الحريري قد استشرف هذه المخاطر القادمة، التي تكتنف مستقبل لبنان، على المدى القصير التي ليس في مقدور لبنان، ولا أي حكومة في لبنان، تحملها، فاتخذ قرار الاستقالة، وترك المتحالفين مع حزب الله، ومع إيران، ليواجهوا العاصفة المقبلة وحدهم. الرئيس اللبناني ميشيل عون المتحالف مع ميليشيا هذا الحزب الشيطاني هو من سيواجه هذه العاصفة، وأول المعنيين بالتعامل مع هذه الكارثة المتوقعة، التي تقول: إما بقاء الحزب محميًا من الدولة اللبنانية، وذهاب الاستقرار في لبنان، أو التخلص من هذا الحزب، وبالتالي من النفوذ الإيراني، وبقاء لبنان، وليس ثمة خيار ثالث غير هذين الخيارين.
المملكة عدوها الأول في المنطقة هو العدو الفارسي الإيراني، كما أنها تعرف أن الحوثيين الذين انقلبوا على السلطة الشرعية في اليمن، هم مجرد مقاتلون بدائيون، لكن الخطر الحقيقي يأتي ممن يقف خلفهم وهم إيران، وذراعها الرئيس حزب الله، لذلك فإن تقليم أظافر حزب الله في لبنان، يعني تقليم أظافر الملالي في إيران. وليس لدي أدنى شك أن الإيرانيين، ومعهم قادة هذه الميليشيا، ومعهم رئيس الجمهورية اللبنانية ميشيل عون، يدركون ذلك غاية الإدراك.
كيف سيتصرفون، وهل في مقدورهم تحمل هذا الإعصار؟.. هذا ما ستكشفه لنا الأشهر القليلة القادمة.
إلى اللقاء