فهد بن جليد
ربما لا يعلم كثيرون أن الأطباء في العيادات النفسية حول العالم، غالبًا ما يُشجعون مرضاهم على التفاعل مع الآخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كروشتة علاجية تحقق نتائج ملموسة للاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى التي قد يقود بعضها للانتحار - بحسب مركز بيو للأبحاث بواشنطن - فمعظم الدراسات السابقة والتحليلات النفسية تقول إن الانخراط والمشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي، تعود بالنفع على الصحة النفسية للفرد، لناحية الإحساس بالاندماج والترابط الاجتماعي، برفع مستويات تقدير الذات من الآخرين، وعدم الشعور بالوحدة، وهو ما قد يشكل ضغطًا أكبر برأيي - على الصحة النفسية للمُستخدمين الأسوياء الذين يدخلون في نقاشات عقيمة وجدل عبر هذه المواقع، مع مرضى يعانون من مشكلات نفسية، دون أن يعلموا أو يشعروا بذلك.
هذا ما يُفسر - برأيي - الصدمة التي نشعر بها من ردود وتعليقات البعض وطريقة تفكيرهم على تويتر أو مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، أثناء النقاش أو الحوار حول قضية مُحددة، وهو ما يتطلب المزيد من المحاذرة ومراجعة النفس قبل الدخول في مناوشات حوارية، لا تخلو من مناكفات نفسية، لا تغني ولا تسمن من جوع، فالنقاش والحوار مع كل أحد على مواقع التواصل الاجتماعي، والتعليق على كل قضية، وحشر الأنوف في كل موضوع، يتعامل معه بعض هؤلاء المرضى على أنه واجب وجرعة علاج يومية، فهو ينتقل مع القضايا من حساب إلى آخر (يركل هنا ويرفس هناك) على طريقة أم عمرو، ولسان حال مناقشية من أصحاب الحسابات الأخرى يقول: لقد ذهب الحمار بأم عمرو.. فلا رجعت ولا رجع الحمار.
التخلص من الدخول في جدل عبر وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر، فيسبوك، واتساب، سناب شات) وغيرها، من أهم الأعباء اليومية التي يجب أن تبتعد عنها حتى تصبح حياتك أكثر سعادة واستقرارًا، فهذه الوسائل مع مثل هؤلاء تجلب التعاسة والبؤس للكثيرين منا بسبب الجدل والنقاشات غير الهادفة، التي تصل إلى حد المناوشات الكلامية والسب، بهدف تصحيح وجهات النظر المُختلف حولها، دون أن يشعروا بأنَّ ذلك لن يغير في العالم من حولنا شيئًا، فبحسب تصنيف موقع كير2 تصدَّر الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي قائمة (ستة أنشطة) يومية، يجب الابتعاد عنها لتصبح حياتك أكثر سعادة.
تذكر أنه لا يمكن أن يتوقف الأطباء يومًا عن نصح مرضاهم بفائدة الاندماج والتفاعل مع المجتمع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأنَّك من سيدفع الثمن في نهاية المطاف إذا لم تُحسن معرفتهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.