د.ثريا العريض
نعايش حالياً تصاعداً ملحوظاً في أحداث مفاجئة, جلها مفرح حمل لنا ريح التحول للابتهاج والتنفس بحرية؛ نشاط ثقافي وفني متسارع يعود بنا لما عرفناه من أوضاع طبيعية, يحتفل به المشاركون والزائرون من الجنسين في كل مناطق الوطن. وهناك أخبار احتفاءات بتميز شباب وشابات يرفعون رؤوسنا بمنجزات علمية وابتكارات تقنية في الداخل والخارج. وهناك تفاصيل إيجابية عما تحققه الجهات الرسمية من قفزات ضمن خطط برنامج التحول ومشاريعه ومبادراته, آخرها افتتاح الملك سلمان مشاريع حيوية في المدينة المنورة. وهناك إحصائيات توضح نجاحات القيادة في السيطرة على الأوضاع الأمنية في المدن وعلى الحدود, والتصدي لمخططات الإرهاب, ومحاربة الهدر في مؤسسات الاقتصاد والخدمات. وأخيراً وليس آخراً هناك مستجدات الهيئة العليا لمكافحة الفساد, وتفويض النيابة العامة اتخاذ إجراءات التحقيق مع المشتبه بارتكابهم فسادا ماليا أضر بالاقتصاد العام.
هناك بلا شك انفراج واضح مفرح في أجوائنا الداخلية تتبرعم بملاحظته بذور الأمل وتتطلق الأسارير. ويحدونا لشكر الله على نعمه, والقيادة على جديتها, والمواطن على التفهم والمشاركة في حماية شتى المكتسبات واستدامة الطمأنينة. ولكن استدامة الشعور بالبهجة والاستقرار, تصعب مع ما يدور ويصل في ديار الأشقاء والجيران.. فلا نكاد نفرح بتطور إيجابي في ساحة الجوار المضطربة مثل تقلص داعش, وتقارب السعودية والعراق, وانكشاف غدر إيران, إلا ويفاجئنا حدث سلبي يعيدنا إلى مشاعر الغضب والحزن, تعاطفا مع الأبرياء المحاصرين بالشر واليأس والموت.
حاليا تتعالى أصداء توقع اندلاع حرب في المنطقة. صاروخ باليستي إيراني الصنع يطلقه الحوثيون لينفجر قرب مطار الرياض, وتحذيرات من حكومات دول الخليج لمواطنيها من السفر إلى لبنان حيث تغول حزب الله المنفذ لرغبات الحرس الثوري ,يعرض اللبنانيين كلهم لهجوم أمريكي على مواقع إرهابه. كيف نفسر أن صاروخا باليستيا ينطلق من اليمن ليتفجر قرب مطار الرياض؟ الحوثيون لا يستطيعون صناعة مثل هذا الصاروخ العابر للمسافات البعيدة, وبصمات أصابع إيران واضحة في تصنيعه, وإيصاله إلى الحوثيين لضرب السعودية؛ بل إن صخب تصريحات وردود فعل السلطات الإيرانية تصرخ بما يؤكد المثل العربي البليغ: يكاد المريب يقول خذوني!.
إيران تتبرأ من تهمة استيلاد الشر ونشره واستخدامه, فمن أين يأتي كل هذا الشر في الجوار؟ كل المستجدات تكشف علاقة إيران باستيلاد الشر منذ انحرفت من الثورة على الشاه إلى تصديرها الثورة والشر لجيرانها لخدمة طموحاتها في التمدد والهيمنة. وهي على استعداد للتحالف مع أي شيطان رجيم تحت غطاء التطهير المذهبي على أسس مشبوهة, من القاعدة إلى سلطات قطر وحتى داعش.
قد يستطيع البعض أحيانا أن يغلق عينيه وأذنيه عن مآسي ومعاناة الآخرين, ويركز على تأمل التطورات الإيجابية في الداخل. ولكن سموم الواقع المحيط تنفذ عبر الجدران النفاذة لأفراحنا محليا فنلهج صادقين بالدعاء: اللهم خلص الجوار في الداخل والخارج من مزايدات الأشرار لاستيلاد الشقاء.