محمد سليمان العنقري
سوق الاستشارات في المملكة يعد الأكبر في المنطقة حيث تخطى في بعض السنوات السابقة حاجز 12 مليار ريال جلها ذهب لشركات أجنبية وكثير من هذه الاستشارات كانت حكومية خصوصًا برامج التحول الوطني والمبادرات التابعة له.
بداية فإن الاستشارات نشاط مهم وحيوي وتسعى الدول لتوطينه والأمنيات كانت بأن تكون الحصة الأكبر من هذا السوق لكيانات محلية كالجامعات على سبيل المثال لكن السؤال الذي يفرض نفسه يتمحور حول عموم النتائج التي تحققت من الدراسات والاستشارات التي طلبتها جهات حكومية عديدة كالخدمية أو المسؤولة عن القطاعات الاقتصادية سواء وزارات أو هيئات.
فمن الجهة الرقابية التي تعنى بفحص نتائج تلك الاستشارات ومدى المنفعة التي تحققت لكل جهة رسمية طلبتها وهل حققت أهدافها وما العائق لتنفيذ ما جاء فيها أو هل كشفت تلك الدراسات بواطن الخلل بأي مجال أو خدمة أو مشكلة عامة وهل تمت معالجتها، فعلى سبيل المثال قدمت الكثير من الدراسات والاستشارات حول ملف البطالة بل وانشأت هيئة مختصة لمعالجة مشكلة توليد الوظائف ومكافحة البطالة لكن نسبتها لم تنخفض!
وفي سياق أوسع نطاقًا كانت الاستشارات بكل تفاصيل برنامج التحول الوطني الذي انتقل من مرحلة أولى إلى المرحلة الثانية التي أعلن عنها سابقًا وتتم مناقشتها فماذا تحقق من المرحلة الأولى ولماذا طرحت مرحلة ثانية وما دورالشركات الاستشارية بكلتا المرحلتين وهل كان لهم دور إيجابي أم كانت دراساتهم واستشاراتهم دون المستوى؟ ويطرح السؤال أيضًا على برنامج التوازن المالي الذي صرح معالي وزير المالية بأن تنفيذه سيمدد لعدة أعوام إضافية فهل لشركات الاستشارات دور في بنائه وإذا كان لهم دور فيه فلماذا أخفقوا في تقدير المدة الزمنية اللازمة لتنفيذه بما يتلاءم مع احتياجات الاقتصاد من المحافظة على نمو جيد!.
الاستشارات والدراسات بكل تأكيد لها أهمية كبيرة في بناء آليات تنفيذ الخطط والبرامج سواء الحكومية أو للقطاع الخلص لكن من المهم القيام بتقييم على الصعيد الحكومي لهذه المخرجات التي تضعها دور الاستشارات لمعرفة واقعيتها وما أثمرت عنه من نتائج وهل استفادت منها الجهات التي طلبتها أو ما العائق لتنفيذها ولعل الأهم أن توطن سوق الاستشارات لتبقى منافعها محلية بزيادة عدد الخبراء المواطنين والحفاظ على سرية المعلومات.