د.عبدالعزيز العمر
التعليم الذي لا ينطلق من الواقع اليومي الذي يعيشه الطلاب، ولا يعرفهم بهذا الواقع، ولا يكسبهم القدرة ليشاركوا في إصلاحه وتطويره، هو في الواقع تعليم هش وهزيل لا يستحق المال والجهد الذي يصرف عليه. إن من أوجه قصور تعليمنا أنه يقدم لطلابنا واقعهم المجتمعي الحياتي في صورة مثالية تخيلية، ويتجنب تعريفهم بجوانب ضعفه وقصوره. هذا الشرخ بين التعليم والواقع أدى بدوره إلى ظهور فجوة بين ما يتعلمه طالبنا وواقعه المعيش الذي سينتقل إليه بعد تخرجه. لقد أدى عدم معرفة وفهم الطلاب لواقعهم إلى عزوفهم عن المشاركة في تطويره وتحسينه. في إحدى مدارس الغرب تم إنشاء محكمة حقيقية، حيث الطلاب هم المتهمون وهم القضاة، يتعلم الطالب من خلال هذه المحكمة كيف يعرض قضيته وكيف يدافع عنها بأسلوب عقلاني حضاري. ومما يجدر ذكره هنا أن المدارس والجامعات الغربية تقدم اليوم نمطًا من المناهج الدراسية موجهة فقط لخدمة المجتمع والمساهمة في تطويره، وحتى عندما يقدمون لطلابهم المعرفة العلمية البحتة فإنهم ويزودونهم بمهارات حياتية مثل مهارات التفكير التحليلي والنقدي ومهارات التعاون والتواصل ليتمكنوا من توظيف تلك المعرفة في فهم واقعهم المعيش.. في إحدى مدارس الغرب أشعر الطلاب معلمهم برغبتهم في التقدم إلى كل الأجهزة الحكومية المختصة لطلب تركيب إشارة ضوئية عند تقاطع قريب من المدرسة، وذلك بعد أن وقعت عدة حوادث مرورية عند ذلك التقاطع، جمع الطلاب كل البيانات المطلوبة وأعدوا عرضًا حاسوبيًا مصورًا عن الموقع بغرض إقناع جهاز المرور وبلدية المدينة بضرورة تركيب الإشارة الضوئية، وبعد عدة مقابلات بين الطلاب وبعض المسؤولين نجح الطلاب في إقناع المسؤولين بفكرتهم وتحقق لهم ما أرادوا.