يوسف المحيميد
منذ عقدين وأكثر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، تقدم نفسها أنموذجا عربيًا متميزا للثقافة والحوار والتسامح، فتفتح أبوابها وصدرها بكل إنسانية للجميع، ففي الشارقة معرض كتاب، وفي دبي الفن يُقام آرت دبي السنوي، والعاصمة أبوظبي، تطلق أيضًا آرت أبوظبي السنوي، ومفاجأتها العالمية الجديدة، متحف اللوفر، الذي فتح أبوابة للجمهور اليوم السبت، بعد اتفاق مع الحكومة الفرنسية تمت بموجبه إعارة اسم متحف اللوفر الباريسي لمدة ثلاثين عامًا وستة أشهر، لينثر نحو 600 قطعة فنية تضم مقتنيات أثرية، وأعمال فنية معاصرة، ومنحوتات كلاسيكية ولوحات فنية، نصفها معارة من اللوفر في باريس، وموزعة على 23 قاعة تحت قبة معدنية توحي بظلال النخيل، ويحيط بها الماء.
وفي الرياض اختتمت هذا الأسبوع أعمال ملتقى الآثار الأول، متضمنا ندوات مهمة، وورش عمل، ومعرض متنقل لملتقى طرق التجارة، عُرضت فيه لأول مرة التماثيل الضخمة والقطع الأثرية النادرة، التي بقيت لسنوات تطوف عواصم الشرق والغرب، دون أن تُعرض في أرضها، جزيرة العرب، خشية اعتراض فئة من المتشددين الذين حرموا هذه البلاد نهضتها على مدى ثلاثين عامًا، فبقيت هذه البلاد ساكنة أمام حراك العالم والدول المجاورة، رغم أنها تمتلك من المقومات والقدرات أكثر من غيرها، وبما يجعلها قبلة العالم كله، للاطلاع على حضارات وممالك العالم القديم، من مملكة كندة في نجد وقريتهم الفاو ذات الآثار والجداريات المذهلة، وحتى أقوام عاد وثمود الذي بنوا بيوتهم في الجبال في العلا، ومدين الذين سيطروا على طرق التجارة، وما تركته الحضارة الآرامية في تيماء، ومسلة تيماء الشهيرة، إحدى مقتنيات اللوفر الباريسي، وغيرها كثير من المنحوتات الرائعة التي تمتلكها المملكة، والتي تجعل منها مقصدًا للسياح من جميع أنحاء العالم، وذلك بمجرد أننا بدأنا نتخفف من هيمنة هؤلاء الذين يحاربون الثقافات والأمم القديمة، بكل ما تمتلكه من إرث إنساني وحضاري كبير.
حينما نمنح هذا الجانب السياحي الاهتمام المناسب، سنكون حتمًا الدولة الأولى في الجذب السياحي والثقافي، والأبرز في تأسيس المتاحف وتنوعها وعراقتها، وهو ما نتوقعه -بإذن الله- بعد هذه التحولات الاجتماعية والاقتصادية، الرامية إلى الانفتاح على الثقافات الأخرى، والتنوع الاقتصادي المنتظر.