عطية محمد عطية عقيلان
أخيرًا ظهر للعلن ما يثلج الصدور بعد سنوات ويأس من تشكيل العديد من الجهات الرقابية والمحاسبية والنزاهة.. وكل هذا لم يوقف استشراء الفساد والهدر والمحسوبية والغنى الفاحش ونهب المال العام والمبالغة في العقود الحكومية والتكاليف الباهظة والرشاوى، مع مظاهر الثراء على من يتولون مناصب قيادية أو متوسطة لا تتناسب ودخلهم. وكان الجميع يطالب لتقوم المملكة وتتبوأ مكانة تتناسب وموقعها الديني والمالي، وتحارب الفساد بشفافية؛ ليأتي عصر الحزم برؤية جديدة لمكافحة الفساد، وتكون انطلاقة للمارد السعودي في كل الاتجاهات، مع التشكيك بهذه الخطوات (معتمدين على خبرات الماضي)؛ لتجيء قرارات صادمة حتى لأكثر المتفائلين في مقولة (من ثبت عليه الفساد لن ينجو)؛ لتتحول إلى واقع عملي معلن بعد توجيه التهم إلى عدد من الأمراء والوزراء ورجال الإعلام والأعمال.. وقرارات جاءت بعد سنوات من جمع الأدلة والاستقصاء بطريقة سرية لمجابهة المتهمين بالفساد واستغلال النفوذ وتلقي الرشاوى، وتم توقيفهم مع تجميد الحسابات الشخصية للموقوفين مع استمرار حسابات شركاتهم في العمل من أجل ضمان حقوق العاملين فيها (من باب العدالة والإنصاف)، واستعادة المال المنهوب من خلال إعطاء فرصة للمتهمين بالفساد لمراجعة حساباتهم، وإعادة ما تم نهبه من الأموال في الداخل، وإيداعها في حساب خزانة الدولة.
ما يبعث على التفاؤل أن رصد الفساد سيكون عملية منظمة، تطول جميع من يقوم باستغلال نفوذ أو تلقي رشى، وسيكون ما يشبه «ساهر» الذي يرصد السرعات على الطرقات، وتتنوع غراماته حسب التجاوز في السرعة دون تمييز نوع وفخامة السيارة؛ لنرى «ساهر» جديدًا على مستوى المملكة، يرصد المخالفات والتجاوزات المالية دون تمييز أو انتقاء أملاً بأن تكون دافعًا لكل مسؤول ورجل أعمال وموظف ومواطن أو مقيم أن يلتزم بالأنظمة والقوانين حماية لنفسه ووطنه والآخرين.. وحتمًا سيكون له الأثر في ازدهار البلاد والعباد بعيدًا عن «دهن السير حتى لا ينقطع».