القيادة عند البعض هدف، وعند المتيّمين بها شغف، أشباه القادة يتشرنقون حول ذواتهم المتعبَة، المنهكة بالحضور ووهجه وتأثيره وأثره.
القيادة هي اللحظة الفاصلة في حياة الإنسان القائد، والتي من خلالها يبدأ في رسم أطر حضوره وتأثيره ومناطق.
مجايلوه يرصدونه كل ينطلق من خندقه ومبدأه، وتشابك علاقاته ومصالحه، الجميع يسلط ضوءه على هذا القائد، البعض يريد أن يراه والبعض يبتغي اجتزاءه للآخرين، والبعض يريد أن يحرقه ليصبح أثرا بعد عين.
نعم كثرة الأضواء تعمي بصيرة القائد وتجعله أكثر نرجسية وهو يتعاطى ذاته عند كل تجربة وكل مشهد يؤديه في مسرح عملياته.
بعض القادة يصنع أتباعا، وبعضهم يصنع موالين للفكرة.
صناعة الأتباع فخ يسقط فيه الكثير من القادة، وخصوصا عندما تصدمه الأحداث بتابع تمرد عليه، وهو في الحقيقة، لا يعرف طبيعة هذا التابع، والتي تجعله مجرد نهاية طرفية لمن يؤثر أفضل أو يدفع أكثر، هذا النوع من صناعة الأتباع، يدغدغ حس القائد ويجعله يعيش ايوفوريا الكرسي ووهجه وطغيان حضوره، التابع يمارس الطاعة المظهرية لذلك القائد، لكنه في قرارة نفسه يبغضه، وقد يحتقره، لأن هذا القائد يظل من وجهة نظره مجرد جسر يستغله للوصول إلى المياه الدافئة ليستمتع بنعيم دفئها وسكون طبيعتها.
بعض القادة يسرف في صناعة الأتباع، متوهما أنهم أدواته التي يتكئ عليها ليحضر متنفذا متجليا أمام الجميع، ولكن المنعطفات الحرجة تجعل هذا القائد يكتشف مدى هشاشة تجربته وضحالة من حوله، لأنه انطلق في مفاهيمه التسلطية من (أنا) زائفة تبتدئ به وتنتهي إليه.
القيادة الفذة، هي كاريزما أولا واستعداد فطري للتعاطي مع المتغيرات، هي صناعة أناس يؤمنون بفكرة سامية، يتشرف الجميع بالانضواء تحتها كراية وغاية، هي التخلص من الأنا الزائفة، والتمحور حول نحن ونريد وسنعمل.
** **
- على أحمد المطوع.