التاريخ يتكرر بشكل مفرط، وهو لا يفعل ذلك ليتعلم الشطار كما أوحت إلينا الأمثلة المبتذلة عن التكرار، إنه يعيد تكوين نفسه ليزدري الضعفاء، ويضطهد الجبناء، ويستهزئ بالمنكوبين الذين خلت أيديهم من الظل والفعل، وعانوا من قلة الحيلة وشظف الأفكار، ويمد لسانه في أوجه الحزانى الذين اتخذوا من زاوية قصية في طرف الحياة ركناً لهم، يحتوي صمتهم ولعنات صدورهم!.
أعرف فيما سبق أن تاريخاً قد يراود أصحابه عن حيواتهم، والهروب من هذا مرهق جداً، خاصة وأن كل المسافات قد توحدّت وصارت تفضي إلى المصير (المجهول) ذاته، لكن الأمر المُربك هو معاودة التوقيت، والزج بالنفس في ظلماته، والإتيان إليه بخطوات عجلى، بثقة عمياء، رغم كل التحولات الجذرية التي صنعها التاريخ، والهزائم التي حفلنا بها من جراء (الوقت) إلا أننا مازلنا نرى أن في التاريخ عبرة.
أتوقع لو أننا أكثر ذكاءً مما نحن عليه، لفكرنا في صناعة المصدات التي تصد عنا رياح الماضي، ودروسه وعبره، وجعلنا التجارب تكون نفسها دون تأثير سابق أو لاحق، على الأقل سوف يقدم الإنسان على التجربة بنفس بيضاء، وربما ستختلف ردود الأفعال حيال الهزيمة أو النجاح، وهذا ما سيجعل في التاريخ تنويعاً للتجارب بكافة أشكالها، بدلاً من تكرار الخوف على الخوف، ورصف الحزن فوق الحزن، حتى يكاد الإنسان يأتي إلى هذه الحياة وقد فقد دهشته الأولى، وحل مكانها الارتباك المخيف!.
قلت لصديق خذله الانتماء:
ابدأ من جديد...
قال بحزن بالغ:
كل الذين بدؤوا مجدداً، عادوا لخيباتهم!
عرفت حينها أن معركته لم تنقض بعد، لكن معاودته للتوقيت الفائت، هي ما أوهمته بالهزيمة!
** **
عادل بن مبارك الدوسري - البريد الالكتروني: aaa-am26@hotmail.com - تويتر: @AaaAm26