د. ناهد باشطح
فاصلة:
(العدل والجور لا ينجمان عن الطبيعة بل القانون)
-حكمة عالمية-
الرغبة السياسية مهمة في مكافحة الفساد في أي دولة، وإلا كانت محاولات الدول غير ناجحة ولذلك كان الترحيب بقرار خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد وترؤس ولي العهد يحفظه الله لها، والاعلان الرسمي عن القبض على شخصيات مهمة من أمراء ووزراء ورجال أعمال خطوة حاسمة لها تداعياتها الإيجابية لدى المحللين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، فمكافحة الفساد بحزم تعني حدوث تغيير كبير وإيجابي في نسيج القيم المجتمعية.
الفساد موجود في كل المجتمعات، ومكافحته وفق قرار سياسي هي أقوى الطرق. مثلا كانت بداية مكافحة الفساد في سنغافورة غير فاعلة، ويرجع ذلك لعدم وجود رغبة سياسية حقيقية في محاربة الفساد عندما كانت سنغافورة جزءا من الإمبراطورية البريطانية، ولكن عندما تحررت سنغافورة ورأس الوزراء «لي كوان يو» عام 1959م عمل على تأسيس وتعزيز الشفافية والاستقامة، وحدد رئيس الوزراء أسباب الفساد ونظمت سنغافورة حملة إعلانية دعت فيها المواطنين للتفاعل مع جهود الدولة في مكافحة الفساد تحت شعار «مواطن نظيف.. وطن نظيف»، وسنت تدابير محددة لمعالجة أسباب انتشار الفساد حتى وصل ترتيبها لعام 2016 في مؤشر مدركات الفساد العالمي الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية والذي يتضمن 176 دولة حول العالم إلى المرتبة السابعة بـ84 نقطة وهي ضمن العشر المراتب الأولى في مكافحة الفساد.
وهذه معلومة لبعض المحللين غير السعوديين الذين يلمحون إلى أن إنشاء اللجنة العليا لمكافحة الفساد هي رغبة سياسية وأيضا أولئك الذين يصفون ما حصل مساء الرابع من نوفمبر بالتشهير رغم أن إعلان الدولة لمكافحتها الفساد لم يتضمن الإعلان عن أسماء من قبض عليهم بتهمة الفساد وإنما أعلنت مؤسسة النقد السعودي أن تجميد حسابات بعض الموقوفين على ذمة قضايا تتعلق بالفساد لا تشمل شركاتهم، وأعلن عن رقم خاص بالتبليغ عن أي فساد إداري وسرقة المال العام يكتشفه المواطن وهو الرقم 980.
نحتاج بصدق في هذه المرحلة حملة إعلامية وإعلانية وفق استراتيجية معينة لتعزيز مفاهيم العدالة والشفافية والصدق في المجتمع فالمهمة تستحق أن تتضافر جهودنا جميعا لأجل الوطن.