فيصل خالد الخديدي
يحرص الفنان دائماً على تطوير أدواته والارتقاء بمنجزاته والتقدم في مراحل مسيرته التشكيلية حتى يرضي شيئا من طموحه ويستمر في نمو ذاته الفنية وبناء شخصيته وصنع بصمته الخاصة التي تنمو وترتقي معه في مراحل متنوعة تُكون في مجملها هويته التي تميزه عن غيره ,وعادة مايكون هناك ارتباط والتقاء بين مراحل الفنان بأن يبقى من المرحلة السابقة شيء من أثر ,وتهيئ المرحلة الآنية للمراحل التي تليها ,ولكن الأمر اختلف قليلاً عند الفنان السعودي سعيد قمحاوي فروح التمرد بدت ملامحها على أعماله من بداياته التي أتقن فيها الواقعية بشكل مذهل هيأهُ لأن ينتقل بتمكن واقتدار أيضاً للأعمال السريالية في فنتازيا كسرت واقعية المشهد ومنطقية التصور وخلقت عوالم متناسقة رغم غرائبيتها إلا أنها متسقة ومبنية على قدرة عالية في خلق مشهد متكامل لا يخضع إلا لقوانين سعيد قمحاوي المتمردة حتى على ذاته المنطلقة للتجديد بإبداع والتي سرعان ما انتقلت به إلى فضاء أوسع من التجريدية ولكنه لم يطل به المقام في هذه المرحلة رغم تقديمه لأعمال اكتمل فيها الجمال والتلخيص والاختزال فهي مبنية على مخزون فني متنوع وتأسيس مدروس بإتقان جمع بين المهارة والفكر والتطور ,لينطلق في أفق أرحب خفتت فيه المهارة واختزلت الألوان ليحضر الفكر والمفهوم في مراحل متتالية تمردت فيها ذاته على يوميات فنان لتخلدها في معرض شخصي تلته تجارب تمحور فيها الفكر واختلف المفهوم وتعددت وسائط التقنية المقدمة في أعماله بل أصبحت مشاريع فنية يقدمها كجزر متباعدة لايجمعها إلا تمرد ذاته الفنية وجموح إبداعه الذي أشغله عن إدارته لذاته الفنية التي تسنمت عن القيادة في بعض أعماله ومشاريعه الفنية فظهرت بعضاً منها مباشرة ومحدودة في جوانبها الفنية والتي لاتتوافق مع مايمتلكه قمحاوي من قدرات فنية هائلة ترتقي بأي مشروع فني فكرياً كان أو تقنياً أو مفاهيمياً, سعيد قمحاوي فنان جَسور امتلك الأصعب وأتقنه وأجاده في كل مراحله ولكن ذاته المتمردة تحتاج منه إلى شيء من التوجيه ليستمر ويصنع فناً مختلفاً متجاوزاً لا يشبهه أحد إلا هو ,وهو قادرٌ على ذلك بما يمتلك من إبداع.