«الجزيرة» - المحليات:
استقبل معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامية الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى في مكتبه في الرياض وفدًا دبلوماسيًّا رفيعًا من مملكة بلجيكا، يتقدمه نائب وزير الخارجية السيد ديرك ايختن، بحضور سفير مملكة بلجيكا لدى المملكة السيد غيرت كريل.
وقدم معالي الأمين العام للضيوف نبذة عن جهود رابطة العالم الإسلامي في مكافحة التطرف ودعم الاعتدال وتعزيز أواصر التواصل الحضاري بين الشعوب، مؤكدًا تبني الرابطة العديد من البرامج الفكرية والحوارية التي تحقق رؤيتها الجديدة نحو التواصل الحضاري بين العالم الإسلامي وشعوب العالم بتنوعهم السياسي والديني والفكري والثقافي؛ باعتبار الرابطة مظلة عالمية للشعوب الإسلامية بحسب نظامها وما في ذلك من تعزيز قيم السلام والتسامح والتعايش والتعاون الإنساني. مشيرًا إلى أن رابطة العالم الإسلامي تحظى بثقة الشعوب الإسلامية، وأنها من قدسية أرض مقرها «مكة المكرمة» في وجدان أكثر من مليار وثمانمائة مليون مسلم، يوجد جزء كبير منهم في بلدان غير إسلامية. ومن سمو رسالة الرابطة تعتبر المظلة الروحية للشعوب الإسلامية. ولم يأتِ هذا الاستحقاق العالمي بثقله وأهميته بمجرد نصوص قانونها الأساسي، لكنه الشعور الوجداني نحو المقدس الإسلامي الكبير والعميق والرسالة المستنيرة.
وأضاف د. العيسى بأن الرابطة في شهر رمضان الفائت جمعت قيادات الجاليات الإسلامية حول العالم في مكة المكرمة، وأسفر ملتقاهم التاريخي عن بيان مشترك مهم. مؤكدًا أن الرابطة تعزِّز من خلال رؤيتها الجديدة لدى ما يسمى بالأقليات الإسلامية الوعي الديني والفكري والحضاري والاندماج الإيجابي، وتعترض فقه التشدد ورسائل التطرف الذي أصبح في عالم اليوم متاحًا للجميع عبر الفضاء الإلكتروني، ولم يحتج للترويج لأفكاره حول العالم لتأشيرات دخول ولا تراخيص عمل.. والموقع الإلكتروني الواحد يقوم بالترويج لرسائله مع مضاعفات نشرها من قِبل مواقع نظيرة أو متعاطفة أو فضولية؛ لتصل للملايين في ثوان، ومنها ما يتضمن بث دروس ممنهجة ومجدولة؛ فالعالم الافتراضي تجاوز نطاقه التقليدي، كما أن استراتيجية الإرهاب أصبحت بعد محاصرة تمويله تعتمد العمليات الإرهابية ذات الظاهرة الصوتية المجردة؛ فهي لا تكلفها غالبًا سوى عملية دهس بسيارة مسروقة أو سلاح خفيف أو أبيض أو حتى تصنيع يدوي لبعض أنواع المفرقعات.
كما أشار د. محمد العيسى إلى أن المملكة العربية السعودية أصبحت منصة عالمية لمحاربة الأفكار المتطرفة، وتمتلك إجراءات قوية وفاعلة لمنع تمويل الإرهاب، وأن حربها على التطرف والإرهاب أصبحت الأكثر قوة وقدرة حتى لم يعد التطرف والإرهاب يخشى أي مواجهة له مثلما يخشاها اليوم من المملكة، بالرغم من انتشار التطرف والإرهاب حول العالم، وبالرغم من استقطابه عناصره من اتجاهات وبيئات دينية وفكرية متنوعة عدة، مشكِّلة تحالفًا فيما بينها لتحقيق هدفها المشترك، وهي التي كانت قبل ذلك متناحرة في آرائها الدينية والفكرية، ومختلفة حتى في بيئاتها، بل منهم من لا يُعرف عنه أي ميول نحو التدين، ولم تطأ قدمه أي دولة إسلامية، لكنه اتخذ في النهاية المظلة الدينية غطاء لجريمته الإرهابية لأسباب معينة.. وتعلمون جيدًا أن الإرهابي الذي سبق أن فجَّر في بروكسل كان قبلها بليلة في نادٍ ليلي، بمعنى أنه وفق أبسط معايير القيم الإسلامية لا يمت للتدين بصلة.
كما أثنى الشيخ محمد العيسى على اللقاء بالوفد البلجيكي، مؤكدًا أن أمثال هذا التواصل المباشر مهم للغاية، وأن الرابطة في ظل عدم قدرتها على التغيير وفق معاييرها المنهجية والإدارية في تشغيل المركز الثقافي والإسلامي ببروكسل نظرًا لكون قراراته الجوهرية مرتبطة بمؤسسة يديرها عدد من سفراء الدول الإسلامية؛ إذ لم تستطع الرابطة إقناع مجلس إدارته للانعقاد والتغيير نحو رؤيتها الجديدة في تشغيله بالرغم من محاولاتها أشهرًا عدة، فإنها لا يمكن أن تتحمل أي إجراءات تراها غير مناسبة؛ وبالتالي فإن الرابطة ستكون مضطرة لمعاودة النظر في تشغيلها المركز.
واعتبر معاليه أن الإجراءات الحكومية البلجيكية لدعم الاندماج بين المواطنين البلجيك ومواجهة الخطاب المتطرف والدعوات التحريضية هي محل دعم وتعاون رابطة العالم الإسلامي التي تسعى عبر برامجها الفكرية والحوارية لحماية الجاليات الإسلامية في الدول غير الإسلامية من التطرف.
وأشاد معاليه بتفهُّم الحكومة البلجيكية لرؤية الرابطة تجاه المركز الإسلامي في بروكسل؛ إذ تديره «تشغيليًّا»، وأن تغيير قياداته وسياساته مرتبط بقرار مجلس إدارته المكون من عدد من سفراء الدول الإسلامية، وهدف الرابطة أن يكون المركز بشهادة الحكومة البلجيكية مصدر إثراء ثقافي وحضاري، يعزز مفاهيم التسامح والتعايش والتعاون والاندماج الإيجابي في صفوف الجالية الإسلامية التي نقدر سلفًا وعيها بأهمية هذه القيم، وحرصها على تعزيزها من قِبل مظلة بحجم ثقل وتأثير الرابطة في البُعد المقدس المشار إليه، وليس طموح الرابطة ألا تكون على مناشطها ملاحظات فقط؛ فهذا لا يكفينا وفق معاييرنا التي أوضحناها.
من جانبه، ثمن نائب وزير الخارجية البلجيكي لرؤية الرابطة الجديدة نهجها الشفاف، وسعيها لدعم جهود وبرامج الاندماج.
حضر اللقاء مدير المديرية العامة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الشؤون الخارجية البلجيكية يوهان فركامن، والمستشار بمجلس نائب رئيس الوزراء البجيكي بيار أمانويل بروسلمانس، ومدير مديرية مكافحة الإرهاب بوزارة الشؤون الخارجية ريندرز فرانك ييرنوطس، وكبير المحللين الاستراتيجيين لدى وحدة التنسيق لتقييم التهديد في الخارجية البلجيكية ماتياس بريزمنس، ومدير وحدة معالجة المعلومات المالية البلجيكية فيليب دكوستر، ونائب مدير الاستراتيجيات والعلاقات الخارجية لدى وحدة معالجة المعلومات المالية البلجيكية هانس فان هملريك.