د. أحمد الفراج
كانت فترة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، فترة ربيع مزدهر لخصوم المملكة، خصوصاً لإيران وحلفائها، فقد أعطاهم أوباما فرصة للشماتة، بعدما تردّت علاقة أمريكا بالمملكة، بسبب سياسات أوباما الخرقاء، التي جنحت للسلام مع من لا يؤمن بالسلام، إذ غيَّر أوباما معادلة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، واعتقد أنه يستطيع احتواء ملالي طهران، ويحد من سياساتهم العدوانية التوسعية، ودعمهم للإرهاب، وهي السياسة التي تتواءم مع أيدولوجية أوباما اليسارية، فهو ينتمي لأقصى يسار الحزب الديمقراطي، وكان من نتيجة هذه السياسة أن تردّت علاقة أمريكا بحلفائها التاريخيين في الخليج، وهي العلاقات التي سارت على وتيرة متصاعدة، منذ الحرب العالمية الثانية، عدا بعض الفترات التي حصل فيها خلافات لا تستمر طويلاً، ثم تعود العلاقات إلى سابق عهدها.
أوباما، الذي دمر الهيبة الأمريكية، وهي الهيبة التي يحتاجها هذا العالم المتوحش، حاول إقناع العالم أن سياساته المسالمة والتصالحية هي الحل الأمثل لقضايا الشرق الأوسط الملتهبة على الدوام، وكان خصوم المملكة، من قومجيين وإسلامويين ومن لف لفهم، يصفقون له، ويحتفلون، ويمنّون النفس بأن يزيد تباعد أمريكا عن المملكة، دون أن يدركوا أن أهمية المملكة، إقليمياً ودولياً، وبالذات أمريكيا، أكبر من أن تؤثِّر عليها سياسات عابرة لرئيس يساري، إذ حتى أوباما ذاته، عبّر مراراً عن أهمية المملكة، ثم جاء زائراً للمملكة، ومعه وفد سياسي ضخم، ضم سياسيين قدماء وجدداً، جمهوريين وديمقراطيين، بعد رحيل الملك عبدالله، وانتقال السلطة إلى الملك سلمان، فالمملكة رقم صعب في السياسات الدولية، ولا يمكن تجاوزها بأي حال.
خصوم المملكة البائسين، كانوا على يقين بأن هيلاري كلينتون ستخلف أوباما، وصرّح بعضهم بأن سياساتها ستكون أشد وأنكى، ولم يكونوا يتخيلون في أسوأ كوابيسهم بأنها ستخسر، ويصل للبيت الأبيض رئيس جمهوري محافظ، يفهم تماماً معنى الإرهاب، ويعرف من هم خصوم أمريكا وأعدائها، ويدرك الأهمية البالغة للمملكة، وبالتالي كان فوز ترمب يوماً أسود على هؤلاء الخصوم، وبعد أن صعقهم ترمب باختيار المملكة كأول بلد يزوره، أسقط في أيديهم، ثم تنفسوا الصعداء ثانية، بعد أن تسلط إعلام أمريكا على ترمب، وأخذوا يروّجون أنه سوف يعزل! وكان من ضمن هؤلاء الخصوم أكاديميون وإعلاميون خليجيون، يدفع لهم نظام الحمدين في قطر بالأصفر الرنان، وها هو ترمب لا يزال في البيت الأبيض، بعد أن نجح في إعادة وهج العلاقات التاريخية الوطيدة، بين أمريكا والمملكة، وما زال خصوم المملكة يتعقبون علاقة إدارته بالمملكة من زوايا لا تخطر إلا على بال الأنظمة التي تعتاش على الرشاوي والخيانات، مثل نظام الحمدين، وفي ظني أنهم سيواصلون هذا النهج البائس، حتى نهاية عهد ترمب، فلنتابع تحليلاتهم الرغبوية، ونتابع في ذات الوقت التطور التاريخي للعلاقات الاستثنائية بين أمريكا والمملكة!