خالد بن فيحان الزعتر
الأمر الملكي القاضي بتأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد والتي على أثرها تم إيقاف عدد من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال خطوة غير مسبوقة في تاريخ الدولة السعودية وهي تأتي كخطوة على طريق بناء (دولة القانون) لا فرق بين أمير أو وزير فكما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (كل من تتوفر عليه الأدلة الكافية سوف يحاسب) ويدعمها تصريحات النائب العام الذي قال فيها إن من تم إيقافهم على خلفية قضايا فساد (لن يتلقوا معاملة خاصة وسيخضعون للمحاكمة كأي مواطن سعودي).
عاشت المملكة العربية السعودية في إطار رؤية2030 الكثير من التغييرات والتي كان الاقتصاد هو السمة الرئيسية لهذا التغيير، وهناك أيضا تغييرات على الصعيد الاجتماعي والتخلص من آثار الصحوة وبناء مجتمع طبيعي متعايش، وقد كان تأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد هي الخطوة الكبرى في طريق التغيير وأحد أهم الإصلاحات المأمولة والذي يتطلع له المجتمع والداعمة للتغييرات السابقة والذي سيكون لهذا الإصلاح السياسي بالغ الأثر في ضمان نجاح الرؤية،
كما هو متعارف أن الإصلاح الاقتصادي يبدأ من حيث ينتهي الإصلاح السياسي ولذلك فإن الخطوة الملكية بتأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد لا تستثني أحداً كائن من كان هو أحد أهم الإصلاحات السياسية التي سيكون لها تأثير على نجاح الرؤية الاقتصادية، بخاصة وأن مكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين هو أحد أهم مقومات نجاح رؤية السعودية للتحول الاقتصادي، فالمملكة العربية السعودية برؤية 2030 تضع أقدامها نحو الانتقال لاقتصاد السوق الحر والعمل على تشجيع الاستثمارات التي تعد هذه الاستثمارات هي عصب الاقتصاد السعودية لمرحلة ما بعد النفط ولذلك فإن مكافحة الفساد بشكل جذري وبأثر رجعي هو الطريق الآمن والضمان الحقيقي لنجاح الانتقال نحو الاقتصاد الآمن وقطع الطريق أمام انتشار المحسوبية التي تعد أحد أهم المعوقات التي تعيق التطور الاقتصادي الوطني وأحد العراقيل التي تؤخر خلق التنمية المستدامة.
ولعل الأهم ونحن نتحدث عن الرؤية السعودية 2030 الحديث عن ملف «البطالة» ولذلك فإن المملكة العربية السعودية التي تستهدف ضمن إطار رؤيتها الاقتصادية 2030 خلق فرص وظيفية والتقليل من نسبة البطالة في مجتمع يشكل الشباب حوالي 70% ، قد وضعت أقدامها بتأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد على بداية طريق العلاج الحقيقي نحو القضاء على البطالة التي ساهم الفساد بكافة أشكاله الإداري والمالي والمحسوبية في ارتفاع نسبتها حتى وصلت مستويات عالية.
تأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد سيكون من شأنها أن تعزز موقع المملكة العربية السعودية في الاقتصاد العالمي، فبرغم مكانة المملكة عالميا وهي عضو في مجموعة العشرين الدولية إلا أن موقع المملكة في منظمة الشفافية الدولية يتخطى مرتبة الـ60 وبذلك نجد أن مكافحة الفساد سيكون من شأنه أن يعزز موقع المملكة على قائمة منظمة الشفافية الدولية الأمر الذي سوف ينعكس إيجاباً على صورة المملكة اقتصاديا وسيكون من نتائج ذلك طمأنة المستثمرين الأجانب في الرؤية الاقتصادية للمملكة العربية السعودية.
من جهة ثانية نجد أن إيقاف مسؤولين سابقين في عهود قديمة في قضايا فساد تأتي لكي تؤكد أن اللجنة العليا لمكافحة الفساد التي تأسست قبل أيام لم تختلف جذريا عن ما سبقها فهي لم تأت فقط لتضع القوانين والأنظمة المستقبلية لمحاربة الفساد بل جاءت لتفتح ملفات سابقة وهو ما يؤكد عزم القيادة السعودية على محاربة الإرهاب بأثر رجعي في خطوة تؤكد أن قضايا الفساد لا تسقط بالتقادم، ولذلك فإن إيقاف هؤلاء المسؤولين السابقين ومكافحة الفساد بأثر رجعي سيكون من شأنه أن يفتح الملفات القديمة التي تم إغلاقها بدون وجود حلول جذرية ومرضية ومنها على سبيل المثال لا الحصر ملف (سيول جدة) ومما لاشك فيه فإن إعادة فتح هذه الملفات القديمة ومعالجتها بشكل جذري ومحاسبة المفسدين سيكون من شأنه الحيلولة دون وقوع أزمات مشابهة في المستقبل.
ختاماً: إن تأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد وإيقاف عدد من المسؤولين من أمراء ووزراء ورجال أعمال فهذه الخطوة وبالنظر لردود الفعل الشعبي المرحب والمؤيد رفعت من مستوى الثقة لدى المواطنين برؤية التحول الاقتصادي فهذه الرؤية بهذه الخطوات الإصلاحية أصبحت محصنة من أن تنتهي بالفشل كما انتهت غيرها من الخطط الاقتصادية السابقة في العهود السابقة، وأيضا هذه الخطوة التي تأتي لكي تؤسس لقوانين وأنظمة لا تستثني أحداً كائن من كان سوف تساهم إلى حد كبير في تشجيع المستثمرين على الاستثمار في الرؤية السعودية 2030 .