هدى بنت فهد المعجل
لو أن الأبواب لا تفتح إلا للطارقين فحسب؛ لما شاهدنا هذا التدافع المحموم نحو بوابات الدخول..!!
- فالطارق عند تكراره للطرق ينال -ولا شك- أو يفترض أن ينال غايته وهدفه وإن تأخر عن زمن استحقاقه له..!!
وفي ذلك قال الشاعر: محمد بن يسير الرياشي:
إن الأمور إذا انسدت مسالكها
فالصبر يفتح منها كل ما ارتتجا
لا تيأسن وإن طالت مطالبة
إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته
ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
لا يمنعنك يأس من مطالبة
فَضَيِّق السبل يوماً ربما انتهجا
- في حين أن هناك من يدخل دون أن يطرق، أو قبل أن يُؤذن له بالدخول، مما أدى ذلك إلى التدافع الشديد والمحموم نحو البوابات، تدافع من يستحق، ومن لا يستحق..!! الأمر الذي ترتب عليه الخلط والاختلاط، مع صعوبة الفصل والتمييز..!!
- كنا نستبعد أن نصل إلى هذه المرحلة من الخلط والاختلاط، فوقعنا في فوهة بركان الفشل في الفصل والتمييز، ودخل من فتحت له بوابة الخروج!! وخرج الذي كل أبواب الدخول (يفترض) أن تكون مشرعة له، ولن نحاول التساؤل عن الذين ما زالوا متصلبين أمام الأبواب، لا هم إلى الدخول، ولا هم إلى الخروج.
- سقطت الأرزاق على الأرض وتسارع الجميع صوبها.. بدت قريبة من الأسرع.. بعيدة عن البطيء... عصية على العاجز.. مستحيلة على الأعمى.. ونال الطير الفتات المتبقي.. فهل البطيء لا يستحق؟.. وإلى متى سيستمر حرمان العاجز والأعمى؟ ولماذا يقتات الطير من الفتات المتبقي؟!!
- الغابة للبطش والسيادة بقوة الجسد في غياب العقل.. فماذا لو حضر العقل.. هل سيدوم البطش وتنشب السيادة مخالبها في جسد الغابة؟!!
لم نعش في الغابة، والمحميات لدينا أرأف من أن تبطش حيواناتها، فإلى أي المكانين ننتمي؟ وإلى أيهما لا ننتمي؟
- تابعت في صغري محاولة قطة عبور شارع ازدحم بالسيارات المارة بسرعة جنونية..!! مع أول محاولة وضع رجلها اليمنى على الشارع؛ بعد سحبها بتثاقل من الرصيف، مع أول محاولة لطمتها سيارة مسرعة فكسرت رجلها.. فلم تستطع القطة التراجع وتابعت رجلها اليسرى النزول من الرصيف.. بقدم مكسورة تقدمت ببطء ولم تنج من سيارة أخرى دهستها ومضت على عجل تحاول قطع الشارع فالروح ما زالت متشبثة بجسد الهرة؛ لذا حاولت المقاولة برفع رأسها وقبل أن يرتفع سحقتها سيارة وثانية.. فهل ينبغي على كل قطة تنوي عبور الشارع أن تطرق بوابة الاستئذان من السائقين؟ أم على السائق أن يعي أن هذه القطة لها حق في الحياة كما له فيأذن لها دون طرق.. ويهدأ هذا التدافع المحموم، في الشارع نحو لا شيء محدد؟!