سمر المقرن
لا يوجد في علم الجريمة ما «يوحي» أو «يؤكد» على ارتباط الجريمة بالمهنة، إنما العوامل مختلفة جداً بحسب القدر اليسير مما اطلعت عليه من دراسات، وإن اختلف ترتيب هذه العوامل من دراسة لأخرى، إلا أنني أرى أن العوامل النفسية وما يتبعها من تناول مخدرات ونحوه، هي من الأسباب الأولى التي قد تدفع الشخص لارتكاب الجريمة. أقول هذا وأنا في غاية التعجب من ربط وسائل الإعلام لبعض القصص الفردية من الجرائم بمهنة الشخص، وهذه التسميات تمر علينا كثيراً كما قرأنا مؤخراً عن (إعلامي يقتل زوجته) وقبلها (داعية يعنف طفلته) و (طبيب يقتل ابنه) وغيرها من العناوين الصحافية الرنانة، التي توحي بارتباط قيام الجريمة بهذه المهنة بطريقة عرض غير مهنية، وبعيدة كذلك عن المصداقية لأن المتلقي تتفاوت درجة تركيزه وإن أتت -غالباً- مع المهنة لأنها تلفت نظره، والوسيلة الإعلامية تبحث عن لفت النظر هذا دون أدنى مسؤولية من التبعات، وتعارضها مع الدراسات والبحوث العلمية التي لم تربط المهنة بارتكاب الجرائم خصوصاً جريمة القتل.
أعتقد آن الأوان ليضع المتخصصون دليلاً لاستخدام وسائل الإعلام للمصطلحات الصحيحة عند الكتابة أو بث ونشر أي خبر خاص بالجريمة، لأن ترك هذه المواضيع تُنشر دون وعي ولا دراية بهدف كسب متابعين أكثر، وحتى تحصل المادة الإعلامية على نسبة قراءة أو مشاهدة عالية، يتم استخدام الطعن بالمهن القديرة، وما يعقب هذا من تشكيك الناس بأصحاب هذه المهن، بطريقة تتعارض مع أبجديات آداب المهنة الإعلامية، هذه الآداب أيضاً بحاجة إلى دليل إرشادي في التعامل مع هذه القضايا.
بما أننا نقرأ ونشاهد بشكل شبه يومي عن مثل هذه القضايا، والتي باتت تتزايد بشكل ملحوظ ومخيف، أتصور أننا بحاجة ملحة إلى إيجاد نظام يسعى إلى منع ومكافحة الجريمة بهدف حماية الفرد والمجتمع يكون عاماً في جميع المؤسسات ليصل إلى أكبر شريحة من المجتمع، وحتى يكون وسيلة لتقنين حدوث الجرائم بشكل عام، ويكون ضمن بنوده توصيفات ومصطلحات دقيقة تستخدمها وسائل الإعلام لحماية المهن والأفراد منها، فلا يعني ارتكاب شخص ما لجريمة أياً كان نوعها أن هذا يمنح وسائل الإعلام الحق في التشهير به أو بمهنته التي تمس شريحة كبيرة في المجتمع. وحقيقة أقولها إن بعض وسائل الإعلام أصبحت تشبه كثيراً مواقع التواصل الاجتماعي، وتصنع أخبارها وتقاريرها سواء مقروءة أو مشاهدة من مجرّد هاشتاق!