فوزية الجار الله
كنت ألملم أوراق يومي الأخيرة استعداداً لليوم التالي حين صافحني ذلك الخبر..
حقيقة أكاد لا أجد كلمات أصف بها تلك المشاعر التي عصفت بي في تلك اللحظة، بما أنني إحدى نساء هذا الوطن، أنتمي إلى هذه الأرض وأحمل إحساس أبنائها بالحب والانتماء لهذه الأرض الطيبة.
تلك الليلة دعاها البعض قرارات السبت وآخرون سموها ليلة بلا قمر بالنسبة للمتهمين وأكاد أسمع آخرين ينعتونها بعاصفة الحق وهي كذلك.
بالنسبة لي كان الأمر مذهلاً، كان مزيجاً من مشاعر الصدمة والفرح والدهشة والأمل.
صدمة بتلك الأسماء المتورطة ودعوة لهم بالهداية والرشاد وفرح بكل خطوة تصحيحية لدفع عجلة التنمية ووضع حد للتسيب والعبث وإهدار المال العام وإعاقة عجلة التنمية.
في كل كارثة أو أزمة كنا على يقين تام بأن هناك أخطاء فادحة وأن ثمة أيدي تعبث خلف جدران الغرف المغلقة، في الظلام لأجل مصالحها الشخصية بدافع الطمع والجشع لأجل حيازة أكبر قدر من الثروة بأقصى سرعة ممكنة.. في كل أزمة يحدث هذا اليقين.
وقد كان من أبرز هذه الأزمات خلال الاثنتي عشرة سنة الأخيرة تقريباً انهيار الأسهم وفقدان الكثير من المواطنين لأموالهم، ومن ثم سيول جدة التي ذهب ضحيتها الكثير من أرواح الأبرياء إضافة إلى ممتلكات المواطنين.. كنا نطالب ونريد وننتظر حتى كانت تلك الليلة التي شهدنا فيها القبض على أيدي الفساد ووضع الحق في نصابه، هذا أمر يسعدنا كثيراً ويجعلنا نشعر بأننا نسير على الطريق الصحيح.. فلا نماء للأوطان حين تصبح مرتعاً للفساد ولا نجاح للمشاريع التنموية حين تكون قاعدتها حزمة من السلوكيات العابثة المستهترة بالمال العام، تلك التي تستبيح كل شيء في سبيل تحقيق مآربها وأهدافها الخاصة وليذهب الآخرون بما في ذلك الوطن إلى الجحيم.
تلك القرارات هي أبرز ما علمناه الآن ولازلنا بانتظار نتائج التحقيق في الفترة القادمة، لكن نتمنى أن يكون هذا المنهج هو السياسة المستمرة لبلادنا، فمن المعروف أنه ولأجل مكافحة الفساد لابد من سن القوانين العادلة المحكمة ووضع القواعد الواضحة لسير الأعمال الحكومية ولتنفيذ المشاريع والالتزام بمبادئ الرقابة والمتابعة والمحاسبة لكل مسؤول سواء كان ذلك في وزارة أو إدارة.
أيضاً الالتزام بمبدأ الشفافية في كافة الأعمال الحكومية ابتداء من أعلى الهرم حتى أدناه.. كذلك ضمان حرية الإعلام ونزاهته لتمكينه من أداء مهمته كما ينبغي، فالإعلام النزيه حين يتاح له فضاء من الحرية يصبح أداة لا يستهان بها تساهم بشكل كبير في كشف الفساد وتعرية أصحابه تمهيداً لتقديمهم للعدالة.