أبها - عبدالله الهاجري:
كان يؤمن برؤية 2030، ولذا حاول أن يعكس هذه الرؤية على أرض عسير، قال لي في لقاء سابق معه «في رؤية الوطن خيراً كثير، فوائدها كثيرة ومنطقة عسير من المناطق التي ستعكس هذه الرؤية».
أخذ صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن مقرن -رحمه الله- الرؤية شعار لعمله بمتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير، وظل منذ أول أيام عمله نائباً لأمير منطقة متنقلاً من موقع لآخر، متفقداً ومفتتحاً ومطلعاً على العديد من المشروعات، كان همه خدمة المنطقة وأهلها، وعكس ثقة القيادة، حتى آخر لحظات حياته.
ولأنه كان مخلصاً لدينه، أخذ الله أمانته وهو في مهمة عمل يرافقه عدد من المسؤولين بالمنطقة، كانوا صفوة المنطقة، وأكثرهم تفانياً وعملاً، بل وهم الذراع الحقيقي لأمير منطقة عسير، امتازوا بحسن الخلق ورقي التعامل.
في قصة تحطم الطائرة، كان للأمير -الراحل- ومرافقيه، جولة تفقدية على عدد من المراكز ساحل عسير «مركز سعيدة الصوالحة ومركز البرك»، استقل سموه الطائرة من نوع «البلاك هوت» ظهراً، ووصل لمقر المراكز، وهناك بدأت جولته التفقدية ولقاء مع المسؤولين والأهالي، وانتهت الجولة بعد عصر الأحد.
كانت العودة عبر الطائرة، كان على متنها إلى جانب سموه، وكيل إمارة منطقة عسير سليمان الجريش، محافظ محايل محمد بن سعود المتحمي، أمين منطقة عسير صالح القاضي، مدير الزراعة بالمنطقة فهد الفرطيش، رئيس المراسم بإمارة منطقة عسير خالد الحميد ومرافق الأمير سعود السهلي والمرافق الأمني، إلى جانب قائد الطائرة ومساعده.
كانت الأجواء في المنطقة غائمة جزئياً، أخذت الطائرة طريق عودتها، كان التواصل مع الطيار وقت الإقلاع، وقبل المغرب اختفت الطائرة من الرادار، ولأن الموقع الذي اختفت فيه معروف بتضاريسه الجغرافية الصعبة، بدأ الشك، وبدأت البلاغات تتوالى، الطائرة اختفت وموقع أختفائها غير معلوم، بدأ التحرك، وتوالت الاتصالات، الطائرة اختفت، كان الأمر تحت التكتم، الأماني بأن الاتصال فقد، وأن من على الطائرة في أمان وفي موقع آمن، وقت صلاة العشاء، الأمر في ريبة، حاول أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد استجماع قواه، الأمر جلل، الوضع غير مطمئن، الأماني تتعالى، الدعوات تتواصل.
وصل «الجزيرة» خبر عن الأمر بعد صلاة العشاء بقليل، أجرينا اتصالاتنا، المعلومات ضبابية، وصلتني تأكيدات عن حقيقة الخبر، الطائرة مختفية، ولا علم عن مكانها، وحالة ركابها.. بعد التاسعة وصلت «الجزيرة» معلومة عن العثور على الطائرة، الطائرة سقطت في محمية ريدة، ولا علم أيضاً عن الركاب.
تحركت «الجزيرة» لموقع سقوط الطائرة، في الطريق كانت آليات الأجهزة الأمنية متجه للموقع، فرق الهلال الأحمر، الصحة وقبلهم كان هناك أمير منطقة عسير، الموقع مزدحم، البرد قارس جداً، وضعت الكشافات الضوئية لمحاولة الوصول للموقع ذات التضاريس الصعبة، وصلنا خبر حينها، العثور على بعض الجثث، تشجعنا ببصيص الأمل، مع مرور الوقت، أمل النجاة يقل.
منتصف الليل تأكدت المعلومة، من كان على الطائرة قد توفوا، كانت فاجعة وأمر جلل، الذهول سيد الموقف، المكان يعج بالفرق والمنقذين والإسعافات، الاتصالات تتوالى، غادرنا المكان، وفي الطريق العودة كنت أشاهد قصر الأمير الراحل، لم يكن ببعيد عن موقع الاصطدام، كان فيها قبل أربعة وعشرين ساعة يلاعب ابنته ريما وأبنه سعود.. صباح أمس، تواصلت عمليات البحث ومسح المنطقة للرفع بالنتائج والتحقيقات.