فهد بن جليد
عندما توعد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الفاسدين بالملاحقة في حديثه الشهير- مع الزميل داود الشريان مايو الماضي - كان يعني ويقصد ما يقول تماماً لفظاً ودلالة، وهذه من صفات الرجال الشجعان النادرة، الذين تُصدق أفعالهم أقوالهم، وهو يؤكد أنَّ أي شخص يثبت ضده الفساد لن ينجو كائناً من كان، مع التشديد على أنَّه إن لم تكن مكافحة الفساد على رأس السلطة فلا جدوى منها، وأنَّ من تتوفر ضده الأدلة الكافية سيُحاسب أكان وزيراً أم أميراً، وهذا ما نراه اليوم واقعاً عملياً معاشاً أمامنا - بكل شفافية وتجرّد - مع ما تقوم به اللجنة العُليا لمكافحة الفساد التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لملاحقة كل من يتطاول على المال العام، ويُسيء استخدامه، مُستغلاً النفوذ أو السلطة، وهي المسؤولية العظيمة التي يستشعرها ولي الأمر تجاه الوطن والرعية.
العبارات الصارمة والواضحة التي تضمنها الأمر الملكي الكريم القاضي بإنشاء هذه اللجنة، والأدلة الشرعية التي ساقها في ثناياه، لها دلالات عظيمة، تؤكد صدق النوايا، والنهج القوي والقويم بالقضاء على الفساد، ومحاربته واجتثاثه من المجتمع بحزم وعزم وشفافية كاملة - من أعلى الهرم المجتمعي إلى أسفله - حتى تثمر كل الخطط التنموية الطموحة، والرؤى الوطنية الثاقبة، وتحقق أهدافها لرفاهية المواطن وتقدم الوطن، وهي حالة من الشفافية - نادرة الحدوث في العالم العربي - عندما يتم فيها محاسبة كبار المسؤولين ومواجهة أخطائهم وتجاوزاتهم، ولكنَّها اليوم أيقونة سعودية بامتياز يحق لنا أن نُفاخر بها الأمم الأخرى، ونحن نستمدها من ديننا الإسلامي الحنيف، ثم من أخلاقنا وفروسيتنا العربية الأصيلة القائمة على الأمانة والصدق والإخلاص والوفاء بالعهود، والتي انتهجها الآباء والأجداد منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - وحتى هذا العهد المبارك الذي يحرص فيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده - وفقهما الله - على إرساء العدل وحفظ الحقوق، في صفحات من التاريخ والمجد تُكتب بماء الذهب، ستذكرها الأجيال السعودية القادمة بكل اعتزاز.
الفساد بكل صوره وأشكاله هو أكبر مهددات التنمية التي تستنزف مُقدرات الأوطان والشعوب، وكل الأمم التي نهضت لتحقيق أحلامها، حفظ لها التاريخ أنَّها بدأت بمحاربته أولاً، بالتشريعات الصارمة، وصلاحيات التحقيق والملاحقة، وهو ما نلمسه في النسخة السعودية الجادة، التي يقودها ويرأسها - بكل اقتدار وحزم - سمو ولي العهد- سدد الله خطاه-، فيد تخطط وتبني، وأخرى تُحارب الفساد وتقتلعه من جذوره، في عنوان هو الأبرز لزيادة الثقة والطمأنينة في المستقبل.
وعلى دروب الخير نلتقي