الدمام - عبير الزهراني:
قال اقتصاديون لـ«الجزيرة» إن قرار تشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد لمكافحة الفساد سيسهم وبشكل كبير في تطور قطاعات الاقتصاد، مؤكدين أن نجاح الخطط الاقتصادية وازدهار الأعمال مرهون بمؤشرات مدركات الفساد.
وقال الاقتصادي أحمد الشهري: القرار منسجم مع الإصلاحات التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان «حفظه الله». فجرائم الاقتصاد وما يرتبط بها من حالات فساد في عقود المشروعات أو استغلال السلطة والتربح أو استخدام السلطة في تحقيق مكاسب بطرق غير مباشرة ولمصالح شخصية مؤثرة على الاقتصاد تعد ضمن أبرز أنواع الفساد الذي تصدت له الدول بحزم وقوة. والمملكة عازمة على فرض سيادة الشرع والقانون على أي ممارسات ضارة اقتصاديا أو اجتماعيا لأن نجاح الخطط الاقتصادية وازدهار الأعمال مرهون بمؤشرات مدركات الفساد.
وأضاف: الانعكاسات الاقتصادية من تعقب الفساد من أعلى سلطة في الدولة سيسهم وبشكل كبير في تطور القطاعات الاقتصادية بوتيرة تفوق معدل النمو الاقتصادي الطبيعي وقد أثبتت التجارب في الدول التي تطورت اقتصاديا أن محاربة الفساد الاقتصادي من أبرز نمو الاستثمارات وتطور تلك الاقتصاديات وبشكل سريع جدا.
وأشار الشهري إلى أن الجرائم الاقتصادية من أخطر الجرائم ولذا جاءت قرارات الحزم قوية بمقدار خطورة الفساد ونتوقع أن تشمل أعمال اللجنة تقصي فساد المسؤولين في والقطاعات الحكومية والقطاعات المصرفية والمالية بشكل يضمن خلو تلك المؤسسات الاقتصادية المهمة من الفساد.
من جهته، قال الاقتصادي فضل البوعينين إن تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد يمثل تحولا نوعيا لمواجهة الفساد والقضاء عليه أيا كان مصدره أو حجم مرتكبيه، فالفساد عدو التنمية الأول؛ وهو سرطان ينخر في جسد الاقتصاد ويؤثر سلبا في الاستقرار المالي والاستثمار والإنتاجية، وغياب العدالة المجتمعية ويولد حالة من انعدام الثقة؛ ويضعف قدرة الحكومة على أداء وظائفها الرئيسة. كما يتسبب في خفض معدلات النمو، وزيادة البطالة، واتساع رقعة الفقر ورفع تكاليف المعيشة، والإضرار بالمنافسة؛ حيث يسيطر الفاسدون على العقود بأنواعها من خلال الرشاوى أو استغلال السلطة ما يتسبب في إقصاء ذوي الجدارة وإخراجهم من السوق؛ فلا يقتصر الضرر على المنافسين؛ بل يتجاوزها إلى مخرجات التنمية التي ستعاني من ضعف الجودة وعدم قدرتها على الصمود ما يتسبب بهدر المال العام وتأخر المجتمع.
كما أن الفساد يضعف بيئة الاستثمار ويحولها إلى بيئة طاردة ويتسبب في تراجع تصنيف المملكة في مؤشر النزاهة العالمي الذي يعتمد عليه المستثمرون في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية. وأضاف البوعينين: قد يتسبب بعض أنواع الفساد ومنه جرائم غسل الأموال المرتبطة بالشخصيات الاعتبارية أو المسؤولين بقضايا دولية متشعبة ما يهدد أمن واستقرار الدولة ونظامها المالي.
مشيرا إلى أن أهداف رؤية 2030 في أمس الحاجة لمخرجات لجنة مكافحة الفساد الضامنة لخلق بيئة نقية لغرس برامج التحول والبناء، فأهداف الرؤية يصعب تحقيقها ما لم تقترن بجهود حكومية مكثفة لاجتثاث مظاهر الفساد؛ وبخاصة ما ارتبط منها بالرشوة واستغلال المنصب وهدر المال العام والحد من التنافسية وعرقلة الإجراءات التنظيمية.
ورأي البوعينين أن مكافحة الفساد ستسهم في تحقيق كفاءة الإنفاق وجودة المخرجات التنموية؛ خصوصا ونحن في طور «التحول الوطني» الذي لا يمكن تحقيق أهدافه إلا باتخاذ تدابير صارمة لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وبما يعزز النزاهة ويجعل منها ثقافة مجتمع؛ ومنهجا لعمل القطاع الحكومي. وأضاف: ملف مكافحة الفساد سيطال كتابات العدل التي تسبب بعضها في إصدار صكوك غير نظامية لمساحات شاسعة من الأراضي. وأمانات المدن والبلديات التي أسهمت في ضياع حقوق الدولة والمواطنين وتسببوا في أزمة غلاء أسعار الأراضي وأزمة السكن. وتابع: لاشك أننا مقبلون على حركة تصحيحية تعيد أراضي الدولة المنهوبة لها من جديد، وتنصف المواطنين المتضررين من بعض الأنظمة التي حورها بعض الفاسدين لمصلحتهم الخاصة من أجل الحصول على مكاسب مالية مقابل إنهاء إجراءات الإفراغ أو البناء أو الاستثمار.