جاسر عبدالعزيز الجاسر
يضع العديد من العلماء والمفكرين والمصلحين، الفساد في درجة مساوية للإرهاب، بل بعضهم يقدم خطورته على الإرهاب ويعتبره أحد أسباب تفشي الإرهاب، وجعله مبرراً لاختراق القوى المعادية للأمة والدول والمجتمع واستغلاله لتوظيف عناصر يتم غسل أدمغتها والتأثير على فكرها بجعلها مطية لأفكار الجهات التي توظف الإرهاب لتدمير الدول وهدم المجتمعات.
وقضية مواجهة الفساد والحرب عليه ليست بالمهمة السهلة أبداً، إذ لا يكفي تشكيل لجان أو حتى وزارات لمحاربة الفساد ما لم يكن رأس الدولة مؤمناً إيماناً تاماً بضرورة محاربة الفساد واقتلاعه تماماً من خلال مواجهة شاملة لكل عناصره، المستفيدة من تفشي هذه الخصلة السيئة، والقضاء عليه باجتثاث مرتكبيه مهما كانت مواقعهم الاجتماعية والوظيفية والاجتماعية.
والكثير من الدول رفعت شعار مكافحة الفساد بعد أن عانت مجتمعاتها من تفشي هذا المسلك المدمر، بعضها نجح والبعض الآخر لم يحقق الهدف المرجو، لأن الفساد ونتيجة لتراخي أجهزة الدولة وأجهزة الرقابة والمحاسبة بالذات يكون له مؤسسة ومنظومة تصبح بمرور الوقت عصية على أي جهة تحاول تفكيكها والقضاء عليها، ولذلك فإن القضاء على الفساد ومحاربته حتى اجتثاثه يتطلب استراتيجية وخطة عمل متواصلة تتضافر فيها جهود العديد من الجهات والإدارات في الدولة، وقبل ذلك استيقاظ الضمير، ضمير المسؤول حتى المواطن العادي الذي يمثل سكوته وخضوعه لأساليب وأفعال الفاسدين إسهاما منه في نمو وتعاظم قوة مؤسسة الفساد.
السعوديون أغلبهم إن لم يكونوا جميعا يعرفون مدى حزم وحسم الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ أن كان أميراً لمنطقة الرياض، ويعلمون أنه لا تأخذه لومة لائم بأي فرد يخرج عن الطريق السوي، الأمير قبل المواطن، والوزير قبل الموظف العادي، ولهذا فإن تصدي الملك سلمان بن عبدالعزيز لآفة الفساد يعني أن حرباً حقيقية قد أعلنت على الفاسدين مهما كانت مواقعهم الاجتماعية والوظيفية، ولهذا لم يفاجئ الذين يعرفون عزيمة وحزم وحسم سلمان بن عبدالعزيز أن القائمة الأولى لمواجهة منظومة الفساد قد حوت عدداً من الأمراء وأربعة وزراء وعدداً من نواب الوزراء والمديرين العامين وكبار المسؤولين.
هذه القائمة ستكون الأولى التي تستهدف اجتثاث جذور الفساد والتي تؤكد أن حملة القضاء على هذه الآفة التي تدمر الوطن والمجتمع ستكون قوية وحازمة بدليل احتوائها على أسماء كبيرة من الأمراء والوزراء في تأكيد على أن الجميع سواسية في الخضوع لتطبيق الأنظمة بحزم على الكل من الأمير إلى الغفير.