كتبتُ في مقال سابق لي في جريدتنا الجزيرة الغراء أنه من خلال معرفتي وقربي بسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - لفترة من الزمن أنه واحد من أصحاب الخطوات السريعة في ممشاه حتى إن من كان يظن بنفسه أنه سريع الخطى لا يمكنه أن يجاري سموه في خطواته - ما شاء الله - وكذلك كانت خطوات سموه في اتخاذ القرارات قفزات ثم قفزات ربما كان غيره يحتاج إلى عقود وليس سنوات لاتخاذ مثلها فما أن استطاع بعض منا استيعاب وإدراك مغزى مشروع التنمية الجديد (نيوم) إلا وكانت كلمات سموه ترن في أذان الكثيرين حين صرح سموه قائلاً: لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد أيًا من كان.. سواء أمير أو وزير أو مهما كان منصبه» وتصور البعض أن الأمر قد يطول كما طال في كثير من المواقف السابقة التي اعتمد أصحابها على نظرية (الزمن بينسي) ولكن هيهات هيهات أن تنفع هذه النظرية مع ابن سلمان الحزم فمحاسبة الفاسدين والمفسدين لم يطل انتظارها ولم تكن كلمات سموه سوى أفعال، ففي الوقت الذي كان الجميع يتابع بشغف وخوف وترقب وثقة في الله ثم في جنودنا الأبطال البواسل مسار الصاروخ الذي أطلقته مجموعة الخسة والنذالة الحوثية ومن عاونها ومع إطلاق المضادات الأرضية صواريخها مستهدفة هذا العبث الحوثي في جو ربما لم يعشه الكثيرون من أبناء هذا المجتمع في تسعينيات القرن الماضي إبان حرب تحرير الكويت حين كان صدام حسين يمطر سماء الرياض بصواريخه الفاشلة، وكلما ورد نبأ عن تدمير هذا الصاروخ إلا وارتفعت الأكف دعاية لله بحفظ هذا البلد حكومةً وشعباً وكأن شرارة تدمير الصاروخ هي ذاتها شرارة أطلقت العديد من القرارات الملكية التي لم نسمع ولم يسجل التاريخ السعودي منذ نشأة الدولة السعودية الأولى مثلها، فمع اصطياد صواريخ الدفاع الجوي للصاروخ الحوثي اصطادت القرارات الملكية العابثين بمقدرات الوطن وأبنائه لا فرق بين أمير ولا وزير ولا مسؤول سابق ولا حالي، لا أحد فوق القانون قالها سلمان من قبل في كثير من المرات ونفذها ابن سلمان في كثير من القرارات لرفع شعار أن القانون وضع لينفذ وأنه كما يوجد الثواب والمكافأة توجد المساءلة والعقاب فالكل من الملك وحتى أصغر موظف في الدولة أمام القانون سواء. وحين يتكلم سلمان ويستمع أبو سلمان فليتوار الفاسدون والمفسدون خوفاً فقد جاءتهم ساعة الحساب جاءت يد ابن سلمان التي لا ترتعش في الحق جاءتهم يد لا تهادن ولا تعفو عن حق من حقوق الوطوحقوق الأجيال القادمة جاءتهم يد تضرب بشدة وبعنف كل فساد ظاهر أو باطن في أي بقعة في الوطن . لقد هزت قرارات ولاة الأمر المجتمع كله هزاً لتغربله ممن يدّعون الشرف والنزاهة والأمانة وهي منهم براء، جاءت لتعيد للمال العام هيبته وللدولة قوتها وللقانون سطوته، جاءت وستظل شديدة على كل من تسوّل له نفسه أو يتخيّل أنه فوق القانون وأن أموال الدولة حلال له وأن الحيل والتلاعب في تنفيذ المشروعات يمكن أن يطمسها الزمن أو تخفيها حتى شياطين التحايل والتلاعب. إن مشروعات الدولة وأموالها وأراضيها ليست حكراً على فئة معينة من أبناء الوطن فهي ملك لكل مواطن وأنه ما دام سلمان الحزم يقرّر وابن سلمان ينفذ فلن يفلت من العقاب كل من تسوّل له نفسه أن يقتات على حساب مستقبل هذا الوطن. دمت مولاي حافظاً للوطن ودمت ابن سلمان عضداً لأبيك.
** **
- د. شريف الأتربي