أ.د.عثمان بن صالح العامر
«قيادتنا العازمة الحازمة الحاسمة تنتصر على الفساد» بهذا الشعور وعلى هذه القناعة نام ليلة السبت الماضي الشعب السعودي الذي عدَّ مساء 15-2-1439هـ مساءً تاريخياً لم يسبق له مثيل، وحزماً لن ينمحي بقراراته وأحداثه وخطواته المتسارعة - التي هي أشبه بالحلم - من الذاكرة، وستظل الأرقام والأسماء والتهم تتناقلها الأجيال جيلاً إثر جيل، يحكيها الآباء للأبناء، ويدون تفاصيلها واسانيدها المؤرخون الأفذاذ، ولن يقف صدى أثر هذا الصنيع البطولي على المملكة العربية السعودية، بل سيمتد لدول الخليج وعالمنا العربي والإسلامي بأسره الذي يسجل أدنى درجات النزاهة عالمياً -كما هو معلوم- جراء ما يعيشه هذا العالم المتخلف حضارياً من فساد في إدارة المال العام «إسراف وترف وبذخ ورشوة وسرقات ومحاباة وخيانات ومحسوبيات و...» سلوكيات وتصرفات محزنة مخزية تتنافى مع أبسط مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وتتجافى مع سمات المواطنة الصالحة والانتماء الصادق لهذه البلاد المباركة، وتتعارض مع استشعار الأمن المجتمعي القائم على الحرص الحقيقي والحماية الفعلية للمال العام .
لقد صدر في هذا المساء التاريخي الذي لا ينسى الأمر الملكي الكريم أ/ 38 القاضي بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد الأمين لحصر جرائم الفساد العام والتحقيق فيها، وتتابعت الأخبار بعد ذلك عن إيقاف أمراء أثرياء ووزراء مؤثرين ومسئولين كبار ورجال أعمال متنفذين معروفين و... بتهم فساد مختلفة «صفقات وهمية وغسيل أموال واختلاسات ورشاوى»، وجاء بيان هيئة كبار العلماء في ذات المساء مؤكداً أن: «محاربة الفساد أمر تأمر به الشريعة الإسلامية وتقضي به المصلحة الوطنية، ومحاربته لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب «. وطوال الليل وحتى لحظة كتابة هذا المقال والمغردون والكتاب يعبرون عن فرحتهم الغامرة بهذا الحدث المفصلي في تاريخ بلادهم المعطاء، ويكررون بكل فخر واعتزاز كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز التي تؤكد أن الناس سواسية أمام تطبيق شرع الله، كما أعادوا سماع وقراءة كلمات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز التي تعد نقلة نوعية وحدثاً مفصلياً في مواجهة ومحاربة الفساد الداخلي: « لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد أياً من كان، سواء كان أميراً أو وزيراً، ومن تتوفر عليه الأدلة الكافية سوف يحاسب».
إن كلمات الشكر والتقدير، وعبارات الامتنان والثناء التي سطرها الشعب السعودي الصغير منهم والكبير، الرجال والنساء على حد سواء، شعوراً منه بأن قيادتنا الحاسمة العادلة انتصرت له هذا المساء، هذه الكلمات الجميلة تتقازم أمام هذا الإنجاز التاريخي الرائع، وتتهاوى إزاء هذا الموقف البطولي الخالد الذي لا يمكن أن يصدر إلا من سلمان الحزم ومحمد الحسم، وأكاد أجزم أن الكل سيعي الدرس، وسيأخذ العبرة من غيره، ولذا فبلادنا بإذن الله مقبلة على خير عميم يسود فيه العدل، ويتلاشى هامش الظلم في دولة الشريعة الغراء، وينتصر للمظلوم حيّا كان أو ميتاً، وتعلو راية النزاهة في كل قطاع من قطاعات التنمية وبجميع مؤسساتنا الحكومية بإذن الله، وإزاء هذه الجهود المبذولة من قبل قيادتنا المباركة على كافة الأصعدة وفِي مواجهة جميع أنواع ومجالات وصور الفساد « العقدي والفكري، والذمي - المالي والعيني، والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي والإعلامي» لا نملك إلا الدعاء الصادق من قلوب محبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز بأن يحفظهما الرب عز وجل ويديم عزهم وينصرهم على أعداء الوطن والمواطن، ويقينا جميعاً شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.