خالد بن حمد المالك
ما كان بودنا أن تصل النزاهة في بلادنا -لدى رجالات في الدولة ائتُمنوا- إلى هذا المستوى من التفريط بمصالح الوطن والمواطن، وأن يأخذ المال العام وأملاك الدولة وجهة غير الوجهة التي يجب أن تكون فيها مصلحة عامة، لا مصلحة فردية أو شخصية، دون وجه حق كما أوضح ذلك الأمر الملكي.
* *
وبقدر ما أسعدنا أن يأتي الأمر الملكي لإيقاف مظاهر الفساد على خلفية وجود حالات صادمة من الفساد المالي والرشاوى والتفريط بمصالح البلاد، فقد أسعدنا في الأمر الملكي - المقدر عالياً - تأكيده على النزاهة، وتذكير المواطن بتجريم أي ممارسات تتعارض معها، بناء على جرائم مورست من بعض المسؤولين ورجال الأعمال، وكانت ذات علاقة بقضايا الفساد أشار إليها الأمر الملكي.
* *
لكن الأمر الملكي الذي اخترق البيئة الفاسدة بقرارات حازمة، وكان من قبل يتعذر الوصول إليها لأنها قوى نافذة وتستفيد من تقصير المؤسسات الرقابية، مما حال دون أن تطالها يد العادلة، أو تسألها عن ممارساتها الخيانية، ما يجعل من هذا الأمر الملكي حالة جديدة مقدرة للملك سلمان لم نألفها من قبل في التعامل مع أوجه الفساد الذي مس مفاصل كل مصالح الدولة.
* *
ومن بين ما يجب أن يذكر للملك سلمان، ويشكر عليه، أنه لم يستثن أميراً أو وزيراً أو رجل أعمال أو صاحب جاه حامت حوله الشبهات، وهذا هو عين العدل في المساواة بين المواطنين، وهذا ما ظل يركز عليه الملك وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ولكي تكون هناك جدية في تطبيق القرار، فقد سارعت الأجهزة الأمنية إلى التحفظ على من شملهم الاتهام باستغلال النفوذ للإثراء الشخصي على حساب المال العام.
* *
وما أصدره الملك سلمان سابقة تاريخية لم يُسبق إليها، وموقف شجاع مقدر سوف يظل أحد أهم الإنجازات في عهده الزاهر، بل إن هذا القرار سيكون امتداداً للإصلاحات في المستقبل، وعامل تخويف وردع لكل من تسول له نفسه، أو يفكر بالسرقة من المال العام، أو قبول الرشوة للإضرار بالصالح العام، خاصة وأن الجميع ضج على مدى سنوات مضت من هذه الجرائم، ليأتي الملك سلمان فيصغي لصوت المواطن، ولضميره قبل ذلك، فيأخذ بهذا القرار التاريخي، بمتابعة من ولي عهده الأمير محمد بن سلمان الذي أوكل له مهمة رئاسة اللجنة العليا لحصر قضايا الفساد، وضمت أعضاء يمثلون المؤسسات الرقابية في الدولة.
* *
كنا نود لو أن بلادنا كانت خالية من الفساد، وأنها بلا مفسدين، فلا يصدر مثل ما صدر عن خادم الحرمين الشريفين من أمر ملكي حازم وقوي ونافذ، غير أن الملك وهو المؤتمن على مصالح الشعب لا يمكن له أن يقبل أن يتم العبث بمقدرات البلاد، وهو الذي بايعه الشعب وظل يسنده بالحب والتقدير والولاء، ومن حقهم عليه أن يحمي حقوقهم، ويصون المال العام، ولا يسمح لعابث أن يستولي على ما هو ليس حقاً له، وهذا ما فعله الملك العادل، وهذا ما سوف يترجم تنفيذه ولي عهده الأمين محمد بن سلمان.