كوثر الأربش
لا أحد يعرف ماذا تريد المرأة، كالمرأة ذاتها.لكن حين نقول «امرأة» يحضر في الذهنية السائدة، كائن واحد، له تركيبه فسيولوجية، عقلية و بيلوجية معينة. الحقيقة أن هناك احتياجات نسوية عامة يمكن حصرها، أخرى تأتي لتلبية تركيبة أو فئة معينة. المراهقات، كبيرات السن، ربات البيوت، المرأة العاملة، وغيرها من الشرائح التي علينا التركيز عليها لدراسة أولويات النساء و حاجاتهن.
إني لا أستغرب أبدًا أن يتحدث رجل عن حقوق المرأة بالكثير من الجهل والخلط. الرجل يبني رؤيته حسب نساء محيطه. لأننا مجتمع لم يحدث به الاندماج الكلي بين الرجل والمرأة. لذا يبقى تصور الرجل السعودي للمرأة وحاجاتها الأساسية إما تنظيري أو قاصر. لا أحد أقدر من النساء على تقدير ورصد حاجات النساء. هذه هي الحقيقة. لكن الذي يحدث أن هناك امرأة لا تتسم ببعد نظر، لا تعرف ماذا تريد امرأة من الطبقة المتوسطة، المراهقات، ربات البيوت. لكنها في ذات الوقت وضعت نفسها كمتحدث رسمي عن كل النساء! «طعامُ الفقير وحلوى الغني» تذكرت هذا الشطر لأحمد شوقي. واصفًا به التمر. فهو على موائد الأثرياء حلوى، وعلى مائدة الفقير غذائه الوحيد. هكذا تنظر بعض الناشطات الحقوقيات لمطالب المرأة. لا يوجد توازن حقيقي. لهذا كان لابد من التستر بالمطالب الرئيسية لتغطية « أحلامهن الثانوية»، أعني قضايا التعنيف والعضل، حقوق المطلقات و غيرها. وهنا تأتي الحاجة للخطاب النسوي الشعبوي. كيف؟
ركز أولاً على أن المطلب الرئيسي لهن، هو القضايا الثانوية (لاحظ قلت ثانوية ولم أقل تافهة. كل الحاجات على قدر من الأهمية، لكن تتدرج تلك الأهمية وتأتي الثانية تباعًا بعد تحقيق الأولى. حسب هرم «ماسلو» للاحتيجات، تتصاعد الحاجة من الأساسيات الفسيولوجية كالنوم والتنفس والطعام، ثم تنتقل لحاجات الأمن، كالأمن الوظيفي، السلامة الجسدية، الأمن الأسري وغيرها، وتنتهي بالحاجات الثانوية كتقدير الذات والابتكار) لكن الطريق لتحقيق هذا الهدف لابد له من الاتكاء على القضايا الكبرى. على آلام النساء الجريحات حقًا.
كان لابد من خطاب شعبوي عاطفي، غير موضوعي بتاتًا، مضخم للأحداث، متسلق على آهات الموجوعات. من منا لا يريد الحرية. بالتأكيد نريدها، ولكن ليس على أجساد بقية النساء من بنات جنسنا. لكن أن تقوم امرأة بالصراخ من أجل امرأة معنفة، وتصل لإعلام الخارج، وتستغل كل برامج التواصل، مستغلة صورة واسم تلك المرأة المتضررة حقًا. من اجل تحقيق أهداف ثانوية، هذا هو العار الحقيقي. المرأة حين تنال استقلالها، حين تتمكن وظيفيًا، اقتصاديًا، يصبح استقلالها الاجتماعي ضرورة. أعني أن تكون ولية نفسها بشكل تام. لكن ليس بهذه الطريقة غير الإنسانية.. مطلقًا.. مطلقًا.
أعني طريقة الخطاب الشعبوي التهويلي النسوي البشع. وإن كنتِ مصرة على تبني الخطاب النسوي الشعبوي، سأضع لك نصائح ناجحة:
القي بكل نظريات السيسيولوجيين ومحللي النفس و كل مبادئ تطوير الذات خلف ظهرك، أعني كل ما يقوله العلماء عن القوة والاستقلال ورفض المظلومية. قولي للمرأة أنها عاجزة، ضعيفة، مضطهدة، دعيها تبكي، كلما دغدغتِ مظلومياتها، كلما نجح خطابك.
في تويتر، إذا ظهر وسم لحالة تعنيف، تحدثي كما لو كنت مصابة برصاصة، وأنك تحتضرين، ثم ابكي و ولولي. بعدئذٍ ضعي الأسباب ، ولابد أن تكون أهدافك نصب عينيك، اربطي الأسباب بها، مثلاً إذا كان هدفك هو ريادة الفضاء قولي أن سبب التعنيف أنهم منعوا المرأة من ريادة الفضاء.
لا تنسي شتم أي امرأة تنادي بتعزيز ثقة المرأة بنفسها، أو الاحتفاء بإنجازاتها، أو صاحبة الخطاب الموضوعي. احذري من هذا النوع من النساء، عليك بمهاجمتها، واتهامها بالبرود لأنها لا تولول مثلك.
لا تنسي الاستعانة بالإعلام الخارجي، و تهويل كل حالة أو حادثة إنسانية محزنة، وعليك بالتعميم. التعميم على كل المجتمع السعودي. اجعليهم يعتقدون أننا وراء القضبان، ولا يسعنا رؤية شعاع الشمس.
طبقي ما ذكرتُ، و سنبارك لكِ قريبًا بأنك واحدة من أعظم نسويات القرن الواحد والعشرين.