«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
لا تزال وكالات الأنباء العربية والعالمية ووسائل الإعلام المختلفة والإعلام الجديد في الداخل والخارج تتحدث باهتمام عن الحدث الأهم والأبرز الذي جاء يؤكد أن ما صرح به خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان عن عزمهما مكافحة الفساد. كان قولاً وفعلاً حقيقياً وليس مجرد تصريحات إعلامية مثيرة تنتهي وتتلاشى بعد أيام فها هو خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ومتعه بالصحة- وطول العمر يصدر أمراً ملكياً بتشكيل لجنة عليا برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد، وعضوية كل من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة. وجاء تشكيل هذه اللجنة كما جاء في الأمر الملكي الكريم بناء: ونظراً لما لاحظناه ولمسناه من استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلّبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، مستغلين نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة، ساعدهم في ذلك تقصير البعض ممن عملوا في الأجهزة المعنية وحالوا دون قيامها بمهامها على الوجه الأكمل لكشف هؤلاء مما حال دون اطلاع ولاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المشينة. وقد حرصنا منذ تولينا المسؤولية على تتبع هذه الأمور انطلاقاً من مسؤولياتنا تجاه الوطن والمواطن، وأداء للأمانة التي تحمّلناها بخدمة هذه البلاد ورعاية مصالح مواطنينا في جميع المجالات، واستشعاراً منا لخطورة الفساد وآثاره السيئة على الدولة سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً، واستمراراً على نهجنا في حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه، وتطبيق الأنظمة بحزم على كل من تطاول على المال العام ولم يحافظ عليه أو اختلسه أو أساء استغلال السلطة والنفوذ فيما أسند إليه من مهام وأعمال نطبّق ذلك على الصغير والكبير لا نخشى في الله لومة لائم، بحزم وعزيمة لا تلين، وبما يبرئ ذمتنا أمام الله سبحانه ثم أمام مواطنينا، مهتدين بقوله تعالى: {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (77) سورة القصص، وقوله صلوات الله وسلامه عليه: (إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموعليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها). ولما قرَّره علماء الأمة من أن حرمة المال العام أعظم حرمة من المال الخاص، بل وعدّوه من كبائر الذنوب، وقد قال الله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} (188) سورة البقرة، وإيماناً منا بأنه لن تقوم للوطن قائمة ما لم يتم اجتثاث الفساد من جذوره ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالبلد وتطاول على المال العام. وبناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة) ا-هـ جاء ذلك نتيجة طبيعية وحتمية لما كان يشاهده خادم الحرمين الشريفين بعينه البصيرة والمتابعة بأمانة وحب لما يدور ويحدث في وطنه الكبير. من استغلال البعض من ضعاف النفوس من كبار المسؤولين الذين باعوا أنفسهم للشيطان وبالتالي استغلوا مسؤولياتهم ومناصبهم بصورة غير مشروعة . وكان مصيرهم وكما أعلن في حينه القبض عليهم لتتم إحالتهم للتحقيق والمحاكمة ووضعهم أمام العدالة والشريعة السمحة . والحق أن الحدث لم يكن عادياً فكما قال معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» الأستاذ خالد بن عبدالمحسن المحيسن أن الأمر الملكي «يؤكّد عزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله -، على اجتثاث الفساد، وتعقب ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالبلد، وغلّب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، واعتدى على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية».
وقال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد: «إننا نمر في مرحلة هامة في مكافحة الفساد، وقد أطلقت المملكة العربية السعودية رؤيتها للعام (2030)، جاعلة الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد من مرتكزاتها الرئيسة، ومتخذة في ذلك نهجاً دستورياً راسخاً». هذا وكانت السلطات الأمنية بالمملكة قد شنت مساء السبت، حملة اعتقالات للقبض على متهمين بالفساد المالي واستغلال السلطة في المملكة تزامنا مع الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين العهد لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام.
ومن هنا نجد أن «حرب» الملك سلمان وولي عهده على الفساد قد بدأت بصورة واضحة رغم أنها بدأت والحق يقال منذ لحظة تسلمه الحكم. وسجلت مساء السبت الماضي نتائج مثيرة ومبهرة وشكلت حدثاً وسابقة تاريحية قد لا يصدقها البعض كونها أوقعت بأمراء ووزراء في خطوة جديرة بالتقدير والإكبار. لذلك ضجت مواقع «الإعلام الجديد» ومواقع ومتابعات الصحافة المحلية بآراء وتعليقات تثمّن ما قام به خادم الحرمين الشريفين. جميعها تقف خلف قائد الوطن ورائده وولي عهده في حربهما ضد الفساد هذا المرض الخبيث الذي يعاني منه جسد الوطن..