أقام فرع جمعية الثقافة والفنون بالرياض مساء الأربعاء ضمن نشاط الملتقى الثقافي، محاضرة بعنوان (المونتاج الروسي ونظرية تأثير كلوشوف)، قدمها الزميل عبدالمحسن المطيري. وتناولت المحاضرة التي أدارها الإعلامي عبد العزيز العيد، دراسة سينما ايزنشتاين في المونتاج الروسي والتي تعتمد على تأثير اللقطات المتتابعة يعني 1 +1 = 2, أو لقطة تتبعها لقطة تساوي ظاهرة جديدة.
ونظرية تأثير «ليف كوليشوف»، والتي بدأت كنظرية في المونتاج في بداية السينما السوفيتية عندما كان كلوشوف ومعه طلاب آخرون يعلَّمون على نظريات جديدة في قسم الفيلم التابع لمعهد موسكو والذي يعتبر أول مدرسة سينمائية في التاريخ، ودراسة عملية وتطبيقية لفهم المونتاج الروسي وتأثيره على الموجة الفرنسية والمونتاج الأمريكي في السينما الأمريكية في الستينيات.
ودراسة للنظرية وكيف تم تطبيقها في فيلم ايزنشتاين والذي استخدم بشكل ذكي التأثير في مونتاج فيلمه «سفينة حربية/ بوتيمكين»، وكيف أسهم ذلك في فتح آفاق جديدة في صناعة المونتاج مثل تأثير عامل الوقت والزمن في المشاهد والقطعات بين اللقطات، التأثير النفسي للمشاهد، استخدام السينما بروباغندا سياسية ولأغراض أيدلوجية.
كما بين المطيري إنه بدأ التفكير بشكل جماعي عن نظريات وأساليب في المونتاج في بداية السينما السوفيتية، وانطلقت النظريات في مدرسة السينما في موسكو التي كانت مشهورة بطلاب مثقفين ومؤمنين بأهمية السينما، في صناعة الأفلام الفكرية والسياسية والأيدلوجية. لفهم المونتاج الروسي أو السوفيتي يجب علينا معرفة نظرية تأثير كوليشوف, ببساطة يمكن تفسير النظرية من خلال مشاهدة مشهد سينمائي لرجل ينظر إلى شيء لا نعلم ما هو، اللقطة تكون على طعام، والاستنتاج هو أن الرجل جائع، ولكن لو غيرنا اللقطة بدلاً من طعام إلى سلاح موجه للرجل، نعرف أن الرجل خائف، وهكذا. استخدم المخرج السوفيتي سيرجي آيزنشتاين نظرية كلوشوف بشكل مؤثر في أفلامه مدمرة بوتيمكين وأكتوبر، وطور آيزنشتاين نظرية كلوشوف من التأثير إلى مضاعفته لظاهرة استثنائية جديدة في السينما لأنه استخدم التأثير من أجل صناعة دعاية أيدلوجية وسياسية وتسويقية للشيوعية ليصبح بذلك أول مخرجي التاريخ الذين يستغلون السينما للدعاية السياسية (برابجندا) من خلال تحليل مونتاج المقطع الشهير الخطوات أوديسا في فيلمه المدمرة بوتمكين ندرك أننا لسنا مجرد متفرجين، نحن متفاعلون مع المشاهد، بمعنى أن آيزنشتاين صنع لقطاته للتأثير المباشر على ذهنية وسيكولوجية المشاهد من أجل كسب تعاطفه التام مع الثورة الروسية, لذلك حرص لينين على إرسال الفيلم لمناطق عديدة في الاتحاد السوفيتي من أجل ضمان تعاطف شريحة كبيرة من الشعب الروسي مع الثورة، وكانت النتائج كبيرة جداً، حيث إن كل من شاهد الفيلم خصوصاً من الأميين، يرغب بالانضمام إلى السوفييت والثورة، ليحقق آيزنشتاين بذلك نجاحاً سينمائياً وسياسياً من خلال ثقته بأهمية الصورة، السينما، المونتاج، في التأثير على المشاهد، وتعلم منه الكثيرون خصوصاً السينما النازية والتي تقدم أفلاماً دعائية لهتلر، وبعدهم السينما الأمريكية، والتي قدمت الدعاية للغرب وللرأسمالية من خلال أفلام هوليود في فترة الحرب العالمية الثانية، وبعدها أثناء الحرب الباردة.