إبراهيم عبدالله العمار
تقول الكاتبة الأمريكية وندي شالوت: يضايقني أنّ حساسية المرأة يُنظر لها أنها مرض.
لا تتفاجأ، فرغم أنّ المرأة في الغرب وأمريكا صارت تنافس الرجل في كل شيء إلا أنها دفعت ضريبة لذلك، منها أنّ المجتمع صار ينظر لها أنها مساوية للرجل، وهذا يعني أنها يجب أن تتحلى بالصفات الرجولية المحمودة لديهم، منها عدم إظهار الضعف، وهكذا أتت عبارة وندي، ومن آثار المساواة المحمومة أشياء لم تتوقعها المرأة هناك، وهو تصنيف مشاعرها الأنثوية الطبيعية أنها أمراض نفسية!
الدواء النفسي بروزاك شديد الشعبية منذ أن ظهر عام 1988م، وأكثر مستخدمي بروزاك الأمريكان نساء من سن 20 إلى 50. لماذا هذا؟، دونالد كلاين العالم النفسي أجرى أبحاث عمّا يسمّى «الحساسية تجاه الرفض» وصنّفها أنها نوع من اضطرابات المزاج الخفية، ووضع اسماً وهو الانزعاج الهستيري hysteroid dysphoria لحالة ليست اكتئاباً وإنما المصابة لديها خوف من الرفض وحالة نفسية يائسة، ووَجَدَ أنّ بعض الأدوية النفسية تقوي المرضى، ووصفها أنها تضع تحتهم أرضاً صلبة تقيهم الانخساف في دركات الاضطرابات النفسية، ومن نتائج هذه الأدوية أنّ المصابة بتلك الحالة لا تصبح حزينة إذا فقدت إعجاب الرجل، لكن هل هذا يستحق دواءً؟ إنّ خشية فقدان الإعجاب ومن تخلي الحبيب أو الزوج عن المرأة شيء طبيعي!
بما أنّ المرأة المثالية كما يرى كلاين – أي التي لا تَحزن حتى في الظروف المحزنة – غير طبيعية، فلا شك أنه وَجد الكثير من النساء «المريضات» في أبحاثه تلك، والتي تذكر المزيد من أوصاف مريضاته مثل أنها تُفجَع إذا فشلت علاقتها العاطفية، وأنّ حالتهن النفسية تؤثر على بصيرتها، وأنها متقلبة، ومتقلقلة شعورياً، سطحية، يُسكرها الحب، قصيرة النظر، وغير ذلك. هذه كأنها نظرة متحيزة ضد النساء كما يقول بيتر كريمر في كتابه «الاستماع إلى بروزاك»، لكن حتى هو قال إنه لا يتردد عن وصف الدواء لمريضاته إذا كان سيقويهن نفسياً! ويقول إن بروزاك ليس فقط يحسن المزاج بل يجعل المرأة التي لديها صفات يراها المجتمع أنثوية أكثر من اللازم (مثل الاستسلام والاستكانة والانفعالات العاطفية القوية)، تتخلى عن تلك الصفات لتصبح جريئة إذا اختارت هذا.
تقول وندي إنه في المجتمع الأمريكي الذي فعلياً يعادي المرأة – حيث الحساسية الأنثوية تُرى كدليل على تصرفات مستقبلية خطيرة –، فإنّ المرأة لا يمكنها اختيار تلك الشخصية الجريئة، بل يوصف لها بروزاك، وتُعيَّن لها شخصيتها الجريئة الجديدة المماثلة للرجل، وذلك على يد مختص طبي يخبرها أنّ هناك خللاً بها!