فهد بن جليد
سنُسجل اليوم الأحد، ثاني خطوة على طريق تحويل المساجد إلى مبانٍ خضراء صديقة للبيئة، تعمل بالطاقة الشمسية وتنتج الفائض منها بدلاً من أن تكون مجرد مبانٍ مُستهلكة، نجاح التجربة الأولى لأحد مساجد حطين بالرياض، وإطلاق وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد - هذا اليوم - لمشروع التكييف الذكي في مسجد السالم ، هما تحولان مهمان واستراتيجيان في العناية بالمساجد، وتجربة ناجحة ونافعة تؤذن بتحويل مساجدنا إلى مبانٍ ذكية نموذجية، مُستقلة وقائمة بحالها، بل ومفيدة لما حولها، أستطيع تشبيه الفائدة المرجوّة بفائدة الوقف الذي يدر المال على المسجد وينتفع منه، فهي لا تقل أهمية عن ذلك - برأيي - متى ما نجحت الوزارة واقتنعت بضرورة تعميم الفكرة على مختلف مساجد المملكة، وإلزام المقاولين المنفذين بها.
التوجه العالمي نحو الأبنية الخضراء لم يَعُد خياراً في الكثير من المجتمعات، بل بات ضرورة واشتراطاً في البلدان المتقدمة، والمملكة بحكم موقعها الاستراتيجي وطبيعة مناخها وسطوع الشمس فيها معظم أوقات السنة، تمتلك فرصة كبيرة للاستفادة من هذه الطاقة المهدرة والمعطلة، ولعل الخطوات المتخذة في السنوات الأخيرة مبشرة وتدعو للتفاؤل أكثر - ومنها خطوة وزارة الشؤون الإسلامية الأخيرة -، فالمملكة أحرزت العام 2016م المرتبة الثالثة عالمياً، بعد الصين والهند في عدد الأبنية الخضراء للدول خارج أمريكا وكندا، وذلك بفضل توجه بعض المباني الحكومية إلى الطاقة الشمسية، والتي تشكل 83.4% من نسبة الأبنية الخضراء في المملكة، وأتوقع أنَّ دخول مساجد وزارة الشؤون الإسلامية على خط الأبنية الخضراء، سيكون له أثر كبير جداً على المجتمع السعودي لناحية (التوعية والاقتناع) وهو ما سيحقق لنا قفزات هائلة في تفعيل مفهوم استثمار وإنتاج الطاقة.
من حولنا تجارب عالمية ناجحة لمئات المساجد التي تعمل بالطاقة الشمسية اليوم، ولعل القصة يلخصها أثر مسجد صغير في قرية (تادمامت المغربية) التي تقع على جبال الأطلسي، وكيف نجح هذا المسجد الذي يعتمد بصورة كاملة على الطاقة الشمسية في إنارة القرية بأكملها، بعد أن كانت تعيش في ظلام دامس، فيما مصلون آخرون حول العالم في مدن كبيرة مازالوا يجمعون التبرعات لتسديد فواتير الكهرباء الشهرية لمساجدهم.
شكراً لوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد على هذا التوجه، وعلى الخطوات العملية التي سنلمس أثرها الإيجابي بكل تأكيد على مساجدنا قريباً لناحية التصميم والتهوية والإضاءة.
وعلى دروب الخير نلتقي.