مها محمد الشريف
لا شك أنّ السياسة أوسع أفقاً وأكثر تنوعاً وأكثر تعقيداً وصعوبة في العلاقات وفي ترجيح المعطيات، ما يدعو إلى وضع معاكس أحياناً، ومع هذا فهناك شخصيات سياسية تحاول إيجاد بدائل أوفر تتناغم مع القضايا الدولية، والبعض تتناقض سياساته الخارجية ويبني علاقات استراتيجية مع أي طرف فمن يعاديهم بالعلن ينسق معهم بالخفاء، فكثير منهم احتفظ التاريخ بأسمائهم ولا زالت ذاكرة العالم تذكرهم في الأزمات المشابهة، وما حدث خلال تلك المرحلة الزمنية تطفو على سطح الأحداث، وتكشف أمريكا عن وثائق لأسامة بن لادن حول ما يسمّى بـ»ثورات الربيع العربي» وتخطيط القاعدة لإسقاط المملكة العربية السعودية، وبقية دول الخليج العربي، بحسب الوثائق. أما الشيء الملفت للانتباه تلك العلاقة الوثيقة بعلاقاته بالأزمات السياسية المتتابعة مع إيران وقطر، وكما زعم أنه ضد سياسات هذه الدول، وهو في الحقيقة أكثر من ينسق معها سياسياً ..
إلى أن ظهر هذا التنسيق في مذكراته وتدل على خطورتها تلك الصفحات التي بلغ عددها 228، ومنها جزء يسير مما كشفته أو تمكنت من كشفه وكالة المخابرات الأميركية، عدد من الأدلة والوثائق التي تثبت أنّ القاعدة وغيرها من تنظيمات إرهابية وراء ذلك الترابط مع تنظيم الإخوان، يضاف إلى سجلها الفاسد، وغيره من ثقافة فكر الماضي الظلامية المتطرف، فكل شيء يدعو للحيرة .
في الوقت الذي تتصدّر بعض الملفات السياسية التي لها أولوية في قائمة المطالبات، فقد هدد نظام القاعدة أمن واستقرار المملكة، بنشر الخلايا الإرهابية داخل المدن السعودية ودعم المعارضة وتبادل الصفقات مع إيران أي أنه لا يظهر تمسكاً بأي مبادئ يطلقها ويروّج لها، وهذا وجه آخر من السياسة المحطمة للآمال.
لم ينجح بن لادن في ممارسة نشاطه دون جهة مؤازرة تنشر تهديداته وتؤازره، وتسعى إلى تسليط الأضواء عليه لطمأنة الإخوان وأعوانهم من الأنظمة الدولية الإرهابية التي تمولهم، سوى قناة الجزيرة، فقد كانت الوحيدة التي تبث للعالم خطابات بن لادن والظواهري.
وتشكل هذه الحالة أهمية خاصة في المنطقة من حيث الشعبوية التي روّج لها بأدوات الدين كقوة ضخمة تدعم حجة هذه المنظمة المارقة، وهناك العديد من الأدوات دوّنت في المذكرات، ولم يكن يعلم أنّ نهايته كانت من تدبير عملاء هذه القناة، هو الذي عول عليهم وذكر أنّ هذه القناة القطرية تعمل على هدم جميع الأنظمة، بما فيها السعودية بعد إشعال الفتنة في اليمن لزعزعة أمنها واستقرارها.
إنّ زعيم القاعدة أغرق نفسه ومن معه في بحر خياله الجامح، لكن عرض السيناريوهات اليوم أقوى من جميع العروض التي شاهدها العالم في الفترات الزمنية الماضية والحاضرة، جميع المؤامرات تستثني قطر من السقوط والفوضى التي يجب أن تعم دول المنطقة حسب مخططات القاعدة والإخوان، قائلاً زعيم القاعدة في الصفحة 81 من مذكراته: «سقوط السعودية معناه سقوط دول الخليج بالتتابع، كل دول الخليج لها حركة ما عدا قطر».
مرة أخرى تتكرر في المشهد الإرهابي صورة قطر وهكذا فقد بلغ لصوص السلام هدفهم.