د.عبدالعزيز العمر
لا يمكن لمثقف عاقل أن يعزو ازدهار وتقدم دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية إلى تقدمهم الحاصل في مجالات التكنولوجيا والعلوم الطبيعية بأنواعها (كيمياء وفيزياء وأحياء وعلوم الأرض) والعلوم الهندسية بأنواعها والرياضيات، هذه العلوم رغم أهميتها القصوى لا تشكل سوى أحد جناحي التقدم والازدهار التي حلقت بها اليوم الحضارة الغربية، لقد تحققت وازدهرت حضارة الغرب عندما تزاوجت هذه العلوم المعاصره مع الجناح الثاني للحضارة وهو العلوم الإنسانية والعلوم الحرة (تشمل الفلسفة والفنون والمنطق والآداب)، العلوم الإنسانية الحرة تستهدف تطوير الإبداع والجماليات والحس الإنساني وتعمق النظروالتفكير في القيم والمعاني النفسية والاجتماعية والسياسية، وقد سميت بالعلوم الحرة لكونها تحرر العقل من قيود الخزعبلات والخرافات التي تسيطر على العقل الجمعي، وتطلق العنان للعقل ليفكر وليحلق في سماء الإبداع، الإبداع والتجديد الإنساني يتحقق ويظهر عندما تتداخل وتتقاطع العلوم مع بعضها البعض. يكفي أن نتذكر هنا كأمثلة على هذا التزاوج والتداخل بين العلوم التقنية والإنسانية أن مخترع الفيس بوك كان متخصصاً في علم النفس، كما أن الشهير ستيف جوبز كان مهتماً بجماليات الخط، وقد قال مرة إن التكولوجيا بمفردها لم تصنع أبل، بل إن تزاوج التكنولوجيا مع العلوم الإنسانية والعلوم الحرة هو من أنتج أبل.
ونختم بالقول أن هناك مشروعاً تعليمياً وطني عظيم سيقلب وجه التعليم والتنمية الوطنية، أنه مشروع ستم (STEM)، وهو مشروع تعليمي يدمج فروع العلوم والهندسة والرياضيات والتقنية ليخلق عالماً جديداً مهولاً من فرص العمل ويقضي على فرص العمل التقليدية.