رقية سليمان الهويريني
عملتُ سابقاً في قطاع حكومي خدمي يتطلب منه دخول تجار في مناقصات لتقديم خدمة للدائرة التي أعمل بها. وحدث أن طلبتْ الإدارة من العموم التقدم للحصول على كراسة المناقصة.
وبالصدفة جرى حديث بيني وبين إحدى زميلاتي حول المناقصة، فأبلغتني أنّ قريباً لها تقدم للدائرة للحصول على كراسة المناقصة ساعة الإعلان عنها في الصحف، ولكنهم أبلغوه بأنها انتهت، وتم فتح المظاريف وقد رست المناقصة على إحدى المؤسسات! فأكدتُ لها أنها تعميدٌ وليست مناقصة فأحضرتْ لي صورة الإعلان، واكتشفتُ بعدها أنّ هناك مؤسسةً بعينها تقوم بتوفير المستلزمات سنوياً، وبعد البحث تفاجأت أنّ تواطؤاً حصل بين الإدارة وبين المؤسسة التجارية لتقديم عرض وحيد بحجة عدم وجود منافسين! والحقيقة أنه يتم تأخير نشر الإعلان حتى انتهاء مهلة تقديم العطاءات.
ما أعادني لتذكُّر هذه الحادثة - بحسب ما قرأته - حول إعلان «الهيئة العامة للمنافسة» عن تغريم إحدى الشركات التي تعمل في مجال الغازات الطبية والصناعية (بالاسم) بمبلغ 12 مليون ريال، بسبب قيامها بعدّة مخالفات تضمّنت الاتفاق بين المنتجين على التواطؤ في مناقصة تابعة لوزارة الصحة، وإرغام عميل بعدم التعامل مع منافس آخر، والاتفاق بين المنتجين على تقسيم الأسواق والمناطق في مناقصة وزارة الصحة. وتم تأييد العقوبة من محكمة الاستئناف الإدارية بالرياض، وتتضمّن العقوبة التشهير في صحيفتين على نفقة الشركة المخالفة!
ولعل هذا الخبر مع ما يشتمل من قسوة في العقوبة يكون زاجراً للمتلاعبين في المناقصات والمتواطئين معهم من الموظفين أو الشركاء، ومشجعاً الموظفين المخلصين على التبليغ عن حالات الفساد وحمايتهم من بطش المتنفذين.
أجزم أنّ خلف كشف هذا الفساد جهةٌ نزيهة وملجأٌ آمنٌ لشخص مخلص بضمير يقظ يستحق المكافأة.