نادية السالمي
إسرائيل التي دفعت السم إلى أحشاء الضحية وبعد الوساطة قدمت الترياق مات وسيطها منذ زمن لهذا توخي الحذر فرض عين، على كل من يتعامل معها..ولكن السؤال الذي تنهره علامة الاستفهام وتوبخه علامة التعجب هل مازال باب الاغتيالات مشرعًا أم أنه موصودًا إذ ما في العرب من يستحق هذا الشرف؟!.
كانت إسرائيل تطبخ مؤامراتها على نار هادئة مخافة النضالين الحربي، الذي قادته العرب ثم من بقي من العرب على عهد النضال حتى تلاشى أو يكاد، والنضال الفكري على جبهة العقول الذي من المفترض أن يكون طويل الأمد، ورواده الكتاب والعلماء. والآن نادرًا ما نرى في هذا النضال أو ذاك من يستحق أن ننظر له بإعجاب وأيدينا على قلوبنا مخافة اغتياله، فالحرب الباردة بيننا شلت العزم، ومن بقي من الكتّاب يكتب عن إسرائيل أقل من أن يربك أجندتها ويعكر صفوها فتُسخر له من ميزانية الموساد ما يكفي لتصفيته، بسواعدها أو سواعد عربية كما فعلت على سبيل المثال لا الحصر بناجي العلي المناضل برسوم كاريكاتورية الذي استغل الموساد كراهية بعض قيادات منظمة التحرير الفلسطينية له فأوحت لهم بضرورة اغتياله فقتلوه وقيل في هذا أن هذه أول عملية مشتركة بين الموساد والأجهزة الفلسطينية.
إسرائيل شربت المقلب وظنت أنها دولة معمرة لا مستعمرة:
النقص والنظر فيما تحمله أيادي وبلاد الآخرين من أهم ركائز عيوب إسرائيل لهذا تسرق ماليس لها وتختلق روايات تَصدّر لها من يكذبها ويشكك فيها والباحث الأمريكي آرثر بتز في كتاب كذبة القرن العشرين يشكك في وقوع الهولوكوست وينفي حدوثها، «كل مافي الأمر أن النازيين كانوا مضطرين لحرق الجثث بعد انتشار مرض التيفوس، واستغلت الحركة الصهيونية ذلك لإخافة يهود أوروبا وجعلهم يهربون إلى فلسطين، وللأسف نجحت في هذا ونجحت في إصدار قرار دولي يجرم كل من ينكر حدوثها، وصودرت جميع الكتب التي تشكك فيها».
ورغم هذه الكذبة المُختلقة فما بمقدور أحد أن ينكر أن اليهود تعرضوا في صفحة ما من صفحات الحياة للعنصرية والتطهير العرقي كونهم أقلية في أوروبا وروسيا، وللأسف هذا عزز فيهم الرغبة في الانتقام والإبادة لكل من يقف في طريقهم ويحول دون مشروعهم.
قائد المنظمة العالمية الصهيونية «حاييم وايزمان» قال في مؤتمر عام 1919م «نحن الذين طُردنا لا نستطيع طرد الآخرين..» في إشارة للعرب والفلسطنيين لكنها وعود ومبادئ لم تطبق. أما السرقات فقائمتها طويلة ابتداء بالأرض وانتهاء بالإنسان ومابينهما فهي تُقدم الزي العربي الفلسطيني على أنه زيها، وتبيع البرتقال الفلسطيني في أسواق العالم على أنه فاكهتها الذهبية، وكذلك ألحان الأغاني والأهازيج، وأخشى أن تسرق حلمي بكر إذا اضطرت لهذا!.
إرهاب إسرائيل وصراخ
مرزوق الغانم:
غياب الإنسانية في ما يعرف بإسرائيل لا يعد إرهابًا يحرك ضمائر العالم فالعالم يغض الطرف عن جرائم إسرائيل فهي تقتل الأطفال، وتسجنهم في ظروف لا إنسانية ولا يتحرك ضمير ولا يستثار، كما أنها تبرع في اختراق الحدود ودخول أجواء الدول المجاورة لضرب أي مواقع تريد ،دون أن يقلق العرب وسواهم على الاستقلال والسيادة، كما يغط الضمير العالمي ومنظمات حقوق الإنسان في نوم عميق أمام الفارق الهائل في توزيع الدخل حسب الأعراق داخل إسرائيل فالأشكنازي الأوروبي يفوق راتب المزراحيم اليهودي الشرقي والفلاشا من الحبشة، وأمام صمت العالم الذي لا يمسه من الأذى قليله وكثيره علينا المضي قدمًا في دروب الصمت كما يرى بعضنا فليس أمامنا ولا وراءنا ولا من فوقنا ولا من تحتنا إلا الخوف من تهمة نهرب منها وعلينا أن نخفيها وهي أننا ظاهرة صوتية!. هذا المصطلح الذي أطلقه عبدالله القصيمي _ الذي استخدم صوته وصوت حرفه في حربه الأولى ضد مناوئي الوهابية ونجح، ثم ضد الوهابية وحالفه النجاح كذلك_، شرحته «جولدا مائير» حين أُشعلت النار في المصلى القبلي بالمسجد الأقصى بقولها «لم أنم ليلتها وأنا أتخيل العرب سيدخلون فلسطين أفواجًا من كل صوب، لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء، أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أمة نائمة»
نعم نحن ظاهرة صوتية لأنها خيارنا وسلاحنا الوحيد _بجنايتنا أو جناية غيرنا علينا_ فلماذا نترك الصوت ونحتقره ونحن دون غيرنا نعرف فعالية الجمر تحت الرماد، مرزوق الغانم وما قابله من شعور عربي بالفرح مااستطاع أن يرجع بصراخه شبرًا واحدًا من فلسطين لكنه وجّه رسالة عالمية فهمهتها إسرائيل وأدركها العالم مفادها أن الشعب العربي رغم طول الجيرة ويباس الحرب مازال يُكن نفس مشاعر الغضب من إسرائيل. أيضا اتضح للعالم مدى الهوة العميقة بين الشعوب والقيادات الحاكمة بأمرها، وأن العرب يرفضون التطبيع طالما لم ينزل على شروطهم.
نعم مااستطعنا أن كون ظاهرة حركية أو فعلية فلماذا نُحرم من الكلام وهو آخر معاقل الأحرار، وأنا على يقين أن هذه الظاهرة ستتحول بلمح البصر من صوتية إلى فعليه بمجرد فتح الباب لحرب إسرائيل فالشواهد على الرغبة في مايسمى بالجهاد في أي بقعة وتحت أي لواء تنتظر إشارة، بدافع الظروف السياسية والاجتماعية وقليل منهم لدينية يطلبون الموت لا الحياة، لهذا علينا أن لا نراهن على دوام هذه الظاهرة فالإنسان اليائس مسعر حرب والمدنية التي يحلم بها غائبة والرخاء عنه بعيد.
يزعم من يراهن على الدبلوماسية أنها أصلح للزمان والحال لكن إسرائيل لن تعيد ماسرقت من أرض بسحر الدبلوماسية، ولم نسمع قط أن الأرض المغتصبة بالقوة، المشرد أهلها استرجعت بالورود ولغة الود!
المصالحة رفضتها إسرائيل:
أعلن العرب مرارًا وتكرارًا أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية، وتم طرح مبادرة الملك عبدالله رحمه الله للسلام في 2002 هدفها انشاء دولة فلسطين معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان مقابل التطبيع. وفي 2016 تم إدانة الاستيطان بقرار رقم 2334 في مجلس الأمن مؤكدًا على حدود 1967 فأين نحن الآن من هذا وذاك؟!. الحقيقة أن إسرائيل تراهن على الوقت مع العرب وتلعب على مصطلح الأبدية مع اليهود، السلام كذبة استمرأها دعاة السلام في العالم لقطع الوقت رغم معرفتهم بأن العرب أهل ثأر واليهود أهل مكر ثم في موروث كل منهم مايعد الآخر بالنصر على الآخر، ونحن العرب واليهود أبناء التراث وتراث اليهود فيه مايفوق تراثنا من أكاذيب!.
الهزيمة مقبولة لكن الاستسلام مرفوض:
الحث على بقاء فلسطين في ذاكرة الأجيال والنشء بالتعلّم وقراءة الماضي ولمن يبحث عن التاريخ خارج إطار التاريخ رواية الطنطورية تدوّن مأساة فلسطين منذ بزوغها وحكايات شعبها بين المخيمات، إنتاج أفلام سينمائية تُعنى بالقضية.
وعلى أهل فلسطين أن يمضو في النضال وكأنهم آخر من بقي من نسل العرب، وعلى أولئك الذين استوطنوا خارج فلسطين وبلغوا في تلك البلاد ما بلغوا من ثراء وشهرة أن يستغلوا هذا لصالح قضيتهم ويكف منهم عن الأنانية من استهوته. وليبرهن على إرهاب إسرائيل ولا يتقاعس كل من يدعم الحريات ويدعي إلمامه بالحقوق حتى يراه الضرير ويسمعه من به صمم.