لي حق أن أتغزّل بالقصة، وتحديداً القصة القصيرة، ولي حق أن أغضب وأدافع عنها، حين يتم تجاهلها أو تشويهها أو إشاعة موتها. القصة كائن لطيف ومسالم، يبث المتعة والبهجة والفائدة. ربما هنالك كلام كثير قد أقوله عن القصة القصيرة، لكن أرى أنه من الأفضل أن أحتفظ به لنفسي؛ لأن هنالك من لا تعنيه القصة القصيرة مطلقاً، ولا يرى أنها تضيف شيئاً لمتعة القراءة واكتساب المعرفة.
عموماً دعوني أتحدث عن أمر دار الجدل حوله منذ أسابيع، وتحديداً بعد نشر القائمة الطويلة لجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية. حين قرأت الأسماء توقعتُ أن كتّاب القصة في المملكة لم يشاركوا فيها لعدم اطلاعهم على إعلان الجائزة، ولكن بعد أن قرأت التقرير المرفق بالقائمة فوجئت بوجود (11) مجموعة قصصية مقدمة للجائزة، ولكن لم تتأهل تلك المجموعات للقائمة الطويلة.
أعرف أن بعض الصحف ناقشت ذلك بعد إعلان القائمة. وبحكم علاقتي بالقصة القصيرة، وغيرتي عليها، وبحكم ما أتابعه وما يرصده الصديق خالد اليوسف، أجد أن ما صدر من مجموعات قصصية في المملكة تجاوز عددها في عامي 2016/ 2017م فقط 115 مجموعة قصصية، وهو عدد ليس بالقليل، ولكن أين هذه الإصدارات؟ ما اطلعت عليه من هذه المجموعات لم يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولكن أين البقية؟ هل هي في مستودعات الناشرين أم في بيوت كتّاب وكاتبات القصة؟ العدد الذي ذكرتُ ليس للنصوص القصصية المنشورة في الصحف والمجلات أو المواقع الإلكترونية، بل كتب كل كتاب يحمل بين دفتيه ما يتجاوز عشر قصص. وهنا لا أتحدث عن القصة القصيرة جداً؛ لأن عدد القصص (مجازاً) قد يتجاوز المئة في المجموعة الواحدة.
أنا لا أحب مطلقاً اختلاق نظرية المؤامرة والتباكي التي أُطلقت من بعض الكتّاب لعدم ترشيح كاتب أو كاتبة لجائزة معينة. يجب أن تكون هنالك مرجعة شاملة، تبدأ من المؤلف عندما يكتب النص، وتنتهي بالقارئ. وقبل ذلك أنا لم أعرف ما هي المجموعات القصصية التي شاركت في تلك المسابقة واستُبعدت. وحقيقة لا أريد أن أعرف؛ كل ما يهمني تميُّز القصة القصيرة التي يكتبها أي كاتب أو كاتبة من المملكة العربية السعودية، وأن تُقرأ ليس على المستوى الداخلي فقط بل في كل مكان في العالم، وبأكثر من لغة.
ما المشكلة إذاً؟.. أعتقد أن الاتجاه إلى كتابة القصة القصيرة جداً جعل الأمر سهلاً لدى كثير من هواة الأدب ومغردي تويتر. وهذه مأساة لأن (ق ق ج) لها ضوابطها، ولا يكتبها إلا من لديه القدرة على كتابة النص القصصي الطبيعي. أمر آخر، هو الثقافة القرائية والتمكُّن اللغوي، وبالطبع المتابعة النقدية الصادقة التي تضيف للكاتب ما يؤهله للتجاوز بدون مدح أو ذم. وقبل كل ذلك أن تكون هنالك علاقة خاصة وواضحة مع هذا الفن (القصة القصيرة)، إذا أحببناه وبصدق وحرصنا عليه فسيفاجَأ الجميع - ومن ضمنهم لجان المسابقات - بإبداع خاص ومتميز، يحقق كل الجوائز.
** **
- عبد العزيز الصقعبي