محمد آل الشيخ
من الواضح أن قطر (تستجدي) إعادة المياه إلى مجاريها مع دول المقاطعة الأربع، لكن المشكلة أنك إذا كذبت مرة، ومررت الكذبة، فإن من الحمق أن تنتظر أن يثق بك وبما تقول الآخرون مستقبلا. فهم - كما يقول أمير قطر _ في لقاء تلفزيوني أجرته معه قناة تلفزيونية أمريكية على استعداد أن يتقدموا آلاف الأميال إلى دول المقاطعة، لو تقدمت دول المقاطعة نحوهم ولو ميل واحد؛ في إشارة إلى أنهم على أتم الاستعداد للتنازل. غير أنهم بصراحة يكذبون، ويتعهدون بأمر، ثم ينقضون ما تعهدوا به؛ فقد سبق أن تعهدوا 2013 و2014 بتعهدات قطعية ووقعوا اتفاقيات، ثم وبخسة وغدر نكثوا عهودهم؛ فكيف - بالله عليكم - يمكن الثقة في هذه الدولة، أو بلغة أدق هذا النظام الذي يصر على التجديف ضد حلفائه في مجلس التعاون؟
ابن جاسم، برفقة عزمي بشارة، هما رأس الثعبان، ومن يرسمان لقطر سياساتها في الداخل والخارج، أما تميم وكذلك والده فينزلون عند رغبات هذين الرجلين؛ وكانت قناة قطر التلفزيونية الرسمية قد أجرت لقاء مع حمد بن جاسم هذا، مَثّل فيه دور الضحية (مكسورة الخاطر)، واعترف بالتسجيلات التي سربها القذافي، والتي اعترف فيها بوضوح أنه كان يتدخل في أدق تفاصيل شؤوننا، الأمر الذي أدى إلى طرده مع شيخ قطر السابق من منصبيهما، إلا أنهما ظلا يديران قطر من خلف الكواليس، واستمر التآمر قائما، ولم ينفذ ابنه تميم الذي أتى إلى المشيخة بعده، ما تعهد به كما هو معروف؛ الأمر الذي جعل تلك التعهدات، مجرد حبر على ورق؛ لذلك جاء قرار مقاطعة الدول الأربع بمثابة (الكي) الذي هو آخر العلاج.
ولن أكون مبالغا لو قلت إن الشعب القطري، بسبب هذه المؤامرات من نظام قطر الحاكم يعيش الآن عزلة كاملة عن محيطهم الجغرافي، وليس ثمة أية مؤاشرات تشير إلى انتهاء تلك العزلة، بل هي تزيد ضيقا مع مرور الوقت.
وللشعب القطري الكريم أقول : (يداك أوكتا وفوك نفخ)، فطالما أن نظام الحمدين والشيخ الصوري تميم يتحكمون في القرار القطري، أجزم متيقنا أن أزمتكم لن تُحل، لأن حلها مع وجود هؤلاء المتآمرين في السلطة، تفريط بأمن واستقرار دول المقاطعة الأربع، خاصة وأننا ومعنا الإمارات والبحرين جربنا الثقة بهم، ولم يكونوا أهلا للثقة، فلماذا تريدون منا أن نلدغ من تلك الأفاعي مرة أخرى؟
أما مشكلتنا مع قناتكم (قناة الجزيرة) فلأنها حتى اللحظة تعمل بجهد لا يعرف الملل على إثارة الزوابع واختلاق الأكاذيب الموجهة لتلك الدول، تماما مثلما عملت في سوريا وليبيا وكذلك مصر، وهي ما تزال تعمل في الاتجاه ذاته، فهل تريدون منا أن نقبل بهذا التحريض على المساس بأمننا؟.. فلو كان نظامكم الحاكم جادا في ما يقول أساطينه، واستعداده للحوار كما يزعمون، لأوقفوا تلك الحملة الإعلامية المسعورة والتضليلية، على الأقل من جانب واحد، ليثبتوا لدول المقاطعة ندمهم على الماضي، وأنهم هذه المرة جادون في فتح صفحة جديدة.
لذلك أقول للحمدين ولشيخ قطر الصوري تميم : أنتم فقط المتضررون، وأنتم فقط من وضعتم شعبكم في هذا الموقف المشين، الذي يتناقض أول ما يتناقض مع أخلاقيات الجوار، ناهيك عن النبل العربي.
إلى اللقاء