باريس - واس:
دعا معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى المؤتمرين في الدورة التاسعة والثلاثين من المؤتمر العام لليونسكو إلى تبني إصدار ميثاق لتعزيز الشخصية العالمية، والعمل على وقاية الفرد من أخطار الفكر المتطرف أياً كان مصدره، مبيناً أن المملكة تبنت مقترحا مشابها لتعزيز الشخصية السعودية، وتعمل على إصدار ميثاق خاص بالشخصية الوطنية يحدد ملامح الشخصية السعودية في القرن الحادي والعشرين وينبثق منه العديد من البرامج التربوية والإعلامية.
وقال العيسى: «أدعو المؤتمرين إلى تبني هذا المقترح الذي يهدف إلى تعزيز شخصية الفرد وتنميته وتحفيزه نحو النجاح والتفاؤل والعمل على وقايته من أخطار الفكر المتطرف أياً كان مصدره، وإنني إذ أدعو إلى تبني هذا المقترح ونحن مستعدون للتعاون مع المنظمة وأي دولة عضو وتقديم ما لدينا في هذا المجال».
وأضاف وزير التعليم: «نحن جادون عازمون على تحقيق الرؤية لبناء المستقبل الواعد من خلال إصلاح نظام التعليم واعتماد أساليب التعلم والتطبيقات والتقنيات الحديثة في التعليم بجميع مجالاته ومساراته»، مبيناً أن رؤية 2030 أكدت في أهدافها على أهمية ترسيخ القيم الايجابية في شخصيات أبنائنا عن طريق تطوير المنظومة التعليمية والتربوية بجميع مكوناتها؛ مما يمكن المدرسة بالتعاون مع الأسرة من تقوية نسيج المجتمع ومن خلال إكساب الطالب المعارف والمهارات والسلوكيات الحميدة ليكون ذا شخصية مستقلة تتصف بروح المبادرة والمثابرة والقيادة ولديه القدر الكافي من الوعي الذاتي والاجتماعي والثقافي.
واستطرد ضمن كلمته: «ومن أجل الوصول إلى تحقيق رؤية 2030 قامت وزارة التعليم بطرح المبادرات النوعية من خلال برنامج التحول الوطني الذي يسعى إلى تحويل المملكة لبلد معرفي مبدع، ومن هذه المبادرات إطلاق برنامج التحول نحو التعليم الرقمي من خلال مشروع بوابة المستقبل وبرنامج دعم البحث والتطوير في الجامعات والإطار الشامل للتطوير المهني المستمر للمعلمين والقيادات التعليمية وتطوير نموذج في بنية المناهج الدراسية للتحول للتعلم المعتمد على الطالب بدل من المعلم وتطوير مصفوفة متكاملة للمهارات الشخصية المؤدية للنجاحات العامة والعملية وتضمينها في المناهج والأنشطة غير الصفية «.
وأبان العيسى أن اهتمام المملكة بالتعليم لم يقتصر على توفير التعليم النوعي لأبنائها فحسب بل تجاوزه إلى الاهتمام بالطلبة غير السعوديين المقيمين على أراضيها، فقدمت برامج المنح الدراسية للطلبة الأجانب للدراسة في المملكة، حيث يحظى الطالب غير السعودي بمعاملة الطالب السعودي، فهناك أكثر من 900 ألف طالب وطالبة غير سعوديين يدرسون في مدارس التعليم العام منهم حوالي 287 ألف طالب وطالبة من اليمن الشقيق و148 ألف طالب وطالبة من سوريا الشقيقة يدرسون في مدارس المملكة.
وأشار إلى أهمية الحفاظ على التراث كموروث شعبي واجتماعي، داعياً أن يستمر ضمن أولويات عمل المنظمة، مبينا أن رؤية المملكة 2030 أكدت في أحد أهدافها على رفع عدد المواقع الأثرية في المملكة المسجلة في اليونسكو إلى الضعف على الأقل.
تعزيز المسؤوليات لتنفيذ التنمية المستدامة
على صعيد آخر أكد معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى, عزم المملكة على ترشيد الإنفاق وتعزيز المساءلة ودعم الجودة في التعليم العام والجامعي من خلال إطلاق 36 مبادرةً نوعيةً من خلال برنامج التحول الوطني الداعم لتحقيق رؤية المملكة 2030.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال اجتماع «تعزيز المسؤوليات لتنفيذ التنمية المستدامة» الذي أقيم على هامش اجتماعات مؤتمر اليونسكو العام في باريس، بحضور وزراء التعليم في كل من ( كندا، كوبا، بنجلادش، أفغانستان،زيمبابوي، سلوينيا وجزيرة إليس كوك )، مبيناً أن رؤية المملكة 2030 ركزت على ترشيد الإنفاق والشفافية واعتماد المساءلة ودعم الجودة من خلال برنامج التحول الوطنيِّ 2020، الذي اشتمل على المبادرات النوعية الداعمة لتحقيقِ الرؤية، حيث جرى اعتمادُ 36 مبادرةً قدمتْها وزارة التعليم، وبدأ العمل الفعلي على تنفيذها وظهرت بعض نتائجها وفق المعلومات التي ترد لأجهزة المتابعة، ويجري التقييم المستمر للنتائج من قبل لجان ومستشاري مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
وأكد معاليه عزم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود , وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - على الارتقاء بمستوى التعليم وبناء نظام تعليمي رائد ومنافس وهو ما يمثل أحد الأهداف التي ارتكزت عليها رؤية المملكة 2030 التي تبنتها القيادة الرشيدة, وتعمل على استمرار التمويل لقطاع التعليم, مبيناً أنه على الرغم من التحديات الاقتصادية الحالية إلا أنَّ موازنة التعليم استمرت على ما هي عليه، حيث خصص 23% من الدخل القوميِّ للإنفاق على مجالات التعليمِ وتطويره وإصلاحاته.
وأشار إلى أن المملكة تعمل بشكل جاد للوصول بنظامها التعليميِّ إلى بناء رائدٍ يرتقي بالتعليم والتعلّم، ويؤسسُ للإبداع والابتكار، ويتبنى الموهبة وينمِّي الفكر، ويشارك في بناء المستقبل.
ولفت الدكتور العيسى إلى أن الوزارة مهتمة بتطبيق أعلى معايير المساءلة، ورفع مستوى المسؤوليةِ في نظام التعليم لأسباب عدة، يأتي أبرزها، ضخامة نظام التعليم وتعدد مستوياته وتنوع الجهات المشرفة عليه، واعتماد أسلوبِ اللامركزية في الإدارة من خلالِ إعطاء إدارات التعليم في المناطقِ صلاحيات واسعة في الإشراف على التعليم، مما يستدعي رفع كفاءة النظام التعليمي، واعتماد أسلوبٍ فعال في المحاسبة وتقديرِ المسؤولية، إضافة إلى تعدد مصادر التمويل وبخاصة في الجامعات ومؤسسات التعليم الأهلي.
وأشار إلى أن المملكة عززتْ المراجعة المحاسبية التي تعتمد على مراجعة داخلية من داخل المؤسسة أو الوزارة، وأخرى خارجية من قطاعات أخرى في الدولة, حيث إن في كل وزارة إدارة خاصة بالمتابعة والتدقيق، وإدارة خاصة بالجودة، إضافة إلى الإدارة المالية والمراجعة الكلية من الممثل المالي, أما ما يتعلق بالمراجعة الخارجية فيتم ذلكَ من قِبل وزارة المالية، ومن قِبَل ديوان المراقبة العامة، وهيئة مكافحة الفساد «نزاهة»، مؤكداً أن هذا كفيلٌ بتعزيز المساءلة لدعم الجودة, إضافةً إلى القضاء على الهدر الماليِّ أو الإنفاق في غير مواضعِه «، وأن هذا النظامُ المحاسبيُّ مطبقٌ في كل جامعة وإدارة تعليم في المملكة ويستهدف تحقيق الإنجازات وكفاءة المخرجات.
وأوضح الدكتور العيسى، أن برنامج خادمِ الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي تُشرف عليه وزارة التعليم ابتعث 114.735 طالباً وطالبة، تمثل الطالبات ما نسبته 31%، ولهذا البرنامج نظام محاسبي دقيق تُشرف عليه وزارةُ المالية ووزارة التعليم.
وأكد معالي وزير التعليم حرص المملكة على الاستفادة من البرامج التي تقدمُها المنظمات الدولية كاليونسكو، وتجاربِ الدول الأخرى في النهوض بأنظمتِها التعليمية, والسعي لبناء الشراكات الإستراتيجية مع دول مختلفة في مجالات التعليم، ومع المنظمات العالمية المهتمة بالجوانبِ التعليمية.
وأبان العيسى أنَّ نظام التعليم في المملكة غير مركزي, فالجامعات لها استقلاليتها المالية والإدارية، وكذلك إدارات التعليمِ العام في مناطقِ المملكة الإدارية الـ 13, إلا أنَّ وزارة التعليم تتولى الإشراف والمراقبة في تطبيقِ المعايير والأنظمة وسنِّ القوانين التعليمية العامة، حيث أن هناك تعاون وثيق بين وزارة التعليم والمؤسسات التعليمية.
وأكد في ختام كلمته سعي المملكة إلى توفير البدائل في تمويل التعليم من خلال تطبيق برامج الخصخصة العامة دون التأثير على جودة التعليم، إلى جانب تطويره وتقديم ما يطمح إليه المواطن, حيث قامت الوزارة بدراسة آليات التمويل في بعض الدول، والتعاون معَها ومع المنظماتِ الدولية كاليونسكو وغيرِها التي ساعدت بعض الدول في سنِّ الأنظمة والقوانين لرسم بدائل تمويل تعليمية جديدة في خصخصة التعليم.