فيصل خالد الخديدي
تزخر المملكة العربية السعودية بكنوز من الآثار المعمارية والإنسانية التي تعود لآلاف السنين متوزعة بين مناطق المملكة تمثل مختلف العصور والحضارات التي مرت على الجزيرة العربية، وحظيت كثير من الآثار في مناطق المملكة المختلفة باهتمام وحصر الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ومازالت جهودهم متواصلة في إبراز الوجه التاريخي المشرق لمكنونات هذه الأرض الطيبة المباركة بما تملكه من تاريخ إسلامي وإرث إنساني، وفي إطار اهتمام الحكومة السعودية بالتراث الوطني وآثار المملكة وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يحفظه الله أُطلق قبل فترة برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة بمساراته العشر وبدأت فعالياته تتجسد على أرض الواقع، وفي هذه الأيام وباهتمام شخصي من رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان ينطلق ملتقى آثار المملكة ليُعرف بمكانة السعودية التاريخية والحضارية محلياً وإقليمياً وعلى المستوى العالمي ويأتي الملتقى ليرفع الوعي ويعزز الشعور الوطني لدى المواطنين ويثقف النشء بماهية الآثار وما تحويه بلادنا الغالية من إرث حضاري وأنه يعد مسؤولية اجتماعية تشترك في المحافظة عليه والنشر عنه جميع فئات المجتمع ولعل من الشرائح المجتمعية التي تتلاقى كثيراً مع قضايا الحفاظ على التراث وتوثيق الآثار وإبراز جمالياتها بل وجعله مصدر إلهام لكثير من إبداعاتهم تأتي شريحة الفنانين التشكيليين فكثيراً ما حفظت الوقائع التاريخية ووثقت الثقافات من خلال أثر فنان أو رصد حضارة بتراثها العمراني وأزيائها وجميع ممارساتها الإنسانية في مجموعة أعمال تشكيلية أشبه ما تكون بوثائق تاريخية بصرية شاهدة على حقب مضت.
إن حضور آثار المملكة في أعمال التشكيليين السعوديين لم يصل للبروز أو الحضور المميز وهو ما يحتاج لردم الفجوة بين التشكيليين السعوديين وآثارهم ومحاولة استقطابهم ببرامج ومشاريع تعرفهم أكثر على آثار بلادهم وتاريخها, أو من خلال ملتقيات تشكيلية تتعمق في دراسة آثار المملكة وتستضيف التشكيليين بالمواقع الأثرية سواء على هيئة ملتقيات جماعية أو برنامج الفنان المقيم لعدة أيام تدرس فيها المواقع بصرياً وتاريخياً وتترجم في إبداعات الفنانين بمشاريع فردية أو معارض جماعية تتجاوز بتعاطيها الرؤية السطحية للآثار لتصل إلى رؤى عميقة تخلد قيمة هذه الآثار وتنشرها بإبداع.