د.محمد بن عبدالرحمن البشر
السوق السعودي هو أكبر الأسواق العربية، وأكثرها تحركاً وتطوراً، وهذا يعني فرصاً وظيفية متاحة يمكن أن ينخرط فيها عدد كبير من المواطنين والوافدين، والحقيقة أن سوق العمل يعتبر هدفاً أساسياً للساسة في جميع أنحاء العالم، لأنها مصدر دخل المواطن، ولهذا فهي الوقود الذي يصنع اقتصاد العالم، وبقدر إنتاجية الفرد يكون الاقتصاد أكثر ازدهارا.
المواطن في المملكة العربية السعودية، لا يقل عن أي مواطن في الدول المتقدمة في قدرته وكفاءته، وما يحتاج إليه هو مزيد من توظيف أمثل، وتشجيع أكثر، وتحفيز أكثر تقنياً، وهذا يقع على كاهل المدراء التنفيذيين بمراتبهم المختلفة، ومواقفهم الميدانية .
لقد علمتنا التجارب أن هناك طاقات كامنة لدى كل فرد في أكثر من ميدان، وأن هذ الإنسان إينما كان، قادر على تفجير طاقاته الكامنة متى ما منح الثقة والتحفيز والتشجيع، وأيضا التوجيه عندما لا يكون قادراً على الإبداع في ميدان، وليتم إتاحة الفرصة له في ميدان آخر.
لقد أثبت الزمن في جميع أنحاء العالم أن هناك عددا غير قليل ممن أضاف إضافة عظيمة للبشرية بسبب إعطاء الفرص والتشجيع، وتفجير الطاقات الكامنة، وإتاحة الفرصة للإبداع بشتى الصور .
لم يكن كثير من المبدعين على مر الزمن أصحاب عقول استثنائية، أو قدرات خارقة في جميع الحقول، وإنما تمت إتاحة الفرصة لهم بطريقة مدروسة، أو بمحض الصدفة، ليبدعوا في مجال بعينه، وقد يكون قد جرب فرصاً أخرى لكن زرعه لم يثمر بسبب عدم قدرته أو محبته لما كان يمارسه من عمل.
لقد حاول العقاد أن يكون شاعراً، لكنه لم يبدع في الشعر، غير أنه ظل أديباً مرموقاً مبدعاً يشار له بالبنان، ومن قبله كان الأمام الشافعي، فقد اتجه في فتره حياته الأولى إلى الأدب، لكنه بعد مده رأى أنه سيكون أكثر إبداعاً في ميدان الفقه، فكان فقيهاً مميزاً، وضع قواعد فقيه ليس لها نظير، سار على نهجها الكثير من متبعي المناهج المختلفة، إضافة إلى أشعاره المميزة لا سيما في مجال الحكمة، وغيرهم كثير .
لقد تعثر بعض المبدعين في الجامعة، ولم يستطيعوا إكمال طريقهم لنيل الشهادة، لكنهم بعد خروجهم من الجامعة طرقوا ميادين جديده أثرت في العالم اقتصاديا وسياسياً واجتماعيا، ونحن نعيش اليوم عالم التقنية مثل ميكروسوفت، وجوجل، وأبل، وأمازون، وغيرها من المنتجات والتطبيقات، ومعظم من أبدعوا في هذا الميدان لم يكملوا دراستهم الجامعية، لكن لديهم رؤيه وقناعة أنهم قادرون على عمل إبداع جديد، واستطاعوا إقناع بعض الممولين الذين غامروا بجزء من مالهم في هذ السبيل المجهول المعالم، وربما أنهم أخفقوا في بعض التجارب، لكنهم في نهاية الامر نجحوا نجاحاً كبيراً وأضافوا إضافة عالية يشكرون عليها .
المملكة وفي رؤيتها 2030، وضعت خطتها لقيام مدينة ترفيهية وتقنية في مشروع النيوم الذي أعلن عنه صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، هذه المدينة المأمولة ستكون محطة للإبداع والإنتاج، وسوف تساهم في تقنيات جديدة لا يقتصر نفعها على المملكة بل سوف تشمل العالم أجمع، ولا يمكننا أن ننسى السليكون فالي في كاليفورنيا، الذي أسهم بشكل كبير في هذ التغير التقني الكبير، والمملكة قادرة على أن يكون لديها مثل ذلك الإبداع، وإضافة الكثير الى اقتصاديات العالم، وإسعاده بمزيد من المنتجات المفيدة، كما أنه سيكون بعون الله مصدراً لتوظيف الطاقات السعودية القادرة والمدربة، وكذلك المساهمة في إبداعات تطبيقية لحل عدد من المشاكل من خلال التقنية العالمية .
المملكة في مرحلة تغيير شامل وهي تسير قدماً في توظيف الشباب القادر في ميادين إبداعية، يحصل فيها المجتهد على ما يليق به من تكريم.
كلنا يقين بإذن الله أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله وولي عهده الأمين حفظه الله، قادرة على صنع نقلة جديدة لصنع حضارة حديثة.