زكية إبراهيم الحجي
يُعطى التعليم المهني والصناعي في كثير من دول العالم أولوية الدعم لتدريب جيل من الشباب وإكسابهم الخبرات العلمية والفنية وتأمين فرص العمل.. وفي الآونة الأخيرة بدأت الدول المختلفة تهتم بالتعليم المقرون بالتدريب في مؤسساتها التعليمية وذلك نابع من أن الخبرة التطبيقية أصبحت أساساً في كل ما يمس ويحرك الحياة المعاصرة.. وأن المستقبل هو للتعليم المقرون بالتدريب ذلك أن أغلب محركات عجلة الحياة وبرامجها بدأت في التحول تدريجياً إلى الآلة.. والآلة تحتاج من يتدرب عليها ويستطيع حل مشاكلها إذا ما أصابها عطل.
وبما أن التعليم يعتبر المسلك لتحقيق إستراتيجيات التنمية الفعالة فإن التعليم والتدريب في المجالين التقني والمهني يجب أن يكونا بمثابة السبيل الرئيسي للتقليل من نسبة ظاهرة البطالة العالية المنتشرة بين الشباب ومعالجة النقص في الأيدي العاملة والماهرة التي يحتاج إليها سوق العمل بالإضافة إلى ذلك تحسين نوعية الحياة لهم.
إن المطابقة المستمرة للقوى العاملة مع المتطلبات الحديثة التي يفرضها التقدم التقني والعلمي الحديث والمتطور يفرض علينا أن نتحدث بصوت عالٍ عن أهمية التعليم المهني وإدراجه مبدئياً وبشكل مبسط في نظام التعليم العام وذلك لترغيب الأبناء الذين ينفرون من تعلم أيٍ من المهارات المهنية وتشجيع من يستهويه تعلم بعض المهن حيث إن هناك عدداً لا يُستهان به من أبنائنا الطلبة من مختلف الفئات العمرية يبدع أيما إبداع في بعض المهارات المهنية لو أتيح لهم الدعم الكافي والبيئة التعليمية المناسبة.
ونظراً لمدى تأثير التعليم والتدريب المهني في جميع المجالات التنموية بل إن تأثيره لا يقل أهمية عن التعليم العام.. لذا نجد كثيراً من دول العالم أولت التعليم المهني اهتماماً بالغاً فانعكس ذلك على تقدمها.. ولعل ألمانيا من أبرز الدول التي اهتمت به فقادها ذلك التوجه للنهوض بها من أنقاض الحرب العالمية الثانية.. ففي هذه الدولة اعتُبر التعليم المهني جزءًا أساسياً مكملاً لبناء حياة أفضل.. ووسيلة للتقليل من نسبة البطالة وتحسين المستوى المعيشي لأفراد المجتمع.
صحيح أننا في المملكة العربية السعودية نمتلك معاهد للتعليم والتدريب المهني لكن نحن أحوج لزيادة الاهتمام في التعليم المهني وتوجيه الشباب نحوه من خلال تعاون مشترك بين الأسرة والمجتمع.. الإعلام والتربية خصوصاً في المراحل الدراسية الأولية حيث تتضح ملامح الهوايات والرغبات وتتبين سمات الإبداع.. ويا حبذا لو اقترن ذلك كله بتوجيه من الأهل لتحفيز الأبناء وتشجيعهم بكل فخر واعتزاز نحو التعليم المهني.. لنتمكن من التغلب على المعوقات التي تواجه التعليم والتدريب المهني.. وأبرزها نظرة المجتمع السلبية إلى التعليم المهني إلى جانب الحد من تفشي ظاهرة البطالة التي يعاني منها الشباب.. أتمنى أن لا تقدم سياسة التعليم الكم على حساب الكيف.