فهد بن جليد
أحسنت مدرسة الطفلة (عيوش) عندما منعت تصويرها داخل أسوار المدرسة للحفاظ على خصوصيتها، بعد الشهرة الكبيرة التي نالتها في وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية بفضل ظهورها العفوي وسعادتها بعد انتهاء اليوم الدراسي، واستقبالها من قبل أخيها عبدالله العيسى في المقطع واسع الانتشار (جات أختي عيوش، ويه ويه .. ويه ويه)، والذي عكس البساطة والسعادة والفرح بعودة عيوش من المدرسة.
المزاجية الصعبة والمُتعكرة التي يعيشها بعض الناس عند ذهابهم لأعمالهم وجامعاتهم ومدارسهم أو عند عودتهم منها، والوهم بحجم الإرهاق والمشاغل وصعوبات وتعقيدات الحياة - برأيي- هي التي جعلت شريحة كبيرة جداً منهم تتداول المقطع - طمعاً في أن تعبر عيوش عن مزاجهم بالنيابة - وكأنَّهم يطلبون ويرغبون بمثل هذه السعادة والعفوية التي ظهرت بها الطفلة, وهو السر في تسابق العديد من المشاهير، والفنانين، ومعلقي المباريات، ومُستخدمي وسائل التواصل في تقليد مزاج الصغيرة وسعادتها العفوية بالعودة للمنزل والارتباط الأسري الواضح بينها وبين أخيها, الأمر وصل إلى تخصيص مساحات في بعض المواقع الإخبارية العربية والدولية للتعليق على المقطع، واستعراض نسخ (الإيموجي) التي تحاكي حركات الصغيرة.
أيقونة عيوش كشفت حجم و(وهم البؤس) الذي يشعر به بعض الناس نتيجة الإرهاق من أعمالهم ومهامهم اليومية، وكيف يمكن التهرب من الالتزام بها أو تخفيف أثرها على نفسيتهم وعلاقتهم بالآخرين من حولهم، بالبحث عن (أيقونة وسر عيوش) للتخلص من الإحباط والتعب النفسي والجسدي بعد يوم عمل أو دراسي طويل، أتمنى أن تجد هذه الظاهرة حقها من الدراسة العلمية والتحليل النفسي والبحثي، كي تحفز (ظاهرة عيوش) الآخرين لتعديل سلوكهم ونفسياتهم، والبعد عن ما يعكرها، خصوصاً وأن الدلالات العلمية والبحثية السابقة، رصدت نسبة كبيرة جداً من حالات الطلاق التي وقعت عند عودة الزوج أو الزوجة من العمل، فهذا الوقت هو مظنة لنشوب الخلاف بين الأزواج، وتصاعد المشاكل في الشارع نتيجة الزحام المروري، والشعور بالإرهاق، وتراكمات ضغوط العمل أو الدراسة.
بنت الأحساء الصغيرة فرضت نفسها على المشهد بعفوية، ونجحت فعلاً في تغيير مزاج شرائح متعددة من المجتمع، وأدخلت السرور والبسمة إلى قلوبهم ؟ وحتى لا تنتهي وتختفي ظاهرة عيوش قريباً، أدعو الجمعيات المهتمة بحل الخلافات الأسرية والمجتمعية والمؤسسات المعنية، بتنصيب الطفلة واختيارها (سفيرة) لهم، واستثمارها بالشكل الصحيح في الإعلانات والرسائل التوعوية والتوجيهية، صدقوني لن يقل تأثيرها عن ما يُحدثه (المشاهير والفنانين) الذين تخطب ودهم هذه الجمعيات والمؤسسات ليلاً ونهاراً.
وعلى دروب الخير نلتقي.