د. أحمد الفراج
نعود للحديث عن أسرة آل كينيدي، بعد كشف الوثائق الخاصة باغتيال الرئيس الشاب، جون كينيدي، قبل أكثر من خمسة عقود، وهي الوثائق التي يسمح القانون الآن بنشرها، بعد مضي المدة المحددة لذلك، ثم يقرر الرئيس إمكانية نشرها من عدمها، عطفًا على معطيات الأمن القومي ومصالح أمريكا العليا، وقد قرر الرئيس ترمب نشرها، وهذا غير مستغرب، فنهج ترمب السياسي يتسم بالصراحة والوضوح، ولا يقيم اعتبارًا كبيرًا لتحفظات المؤسسة الرسمية الأمريكية، ولا لحزبه الجمهوري، الذي لو كان الخيار له، لرشح سياسيًا تقليديًا غير ترمب، إذ من المعلوم أن ترمب فاز بالرئاسة بقرار شعبي بحت، فقاعدته الشعبية تتجاوز الستين مليونا، من المواطنيين الذين لم يعودوا يثقون بالساسة التقليديين، الذين يعملون لصالح لوبيات الضغط، على حساب الناخب البسيط، وهي المعادلة التي قلبها ترمب رأسًا على عقب.
جون كينيدي، الرئيس والعشيق الأشهر لممثلة الإغراء الراحلة، مارلين مونرو، ليس السياسي الوحيد في الأسرة، فبعد اغتياله، قرر شقيقه روبرت، الذي عمل وزيرًا للعدل في إدارة شقيقه الرئيس جون، ثم بعدها عضوًا بمجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، قرر خوض سباق الرئاسة، في انتخابات عام 1968، وكان مثل شقيقه جون، شابًا مفوهًا، وصاحب كاريزما ساحرة، وكان متوقعًا أن يحصد الرئاسة، لا لكفاءته وحسب، بل لأن هناك تعاطفًا شعبيًا واسعًا مع أسرة كينيدي، بعد حادثة اغتيال الرئيس. هذا، ولكن المأسأة الملازمة لهذه الأسرة تتكرر، فبعد فوز روبرت كينيدي الكبير، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بولاية كاليفورنيا، في الخامس من يونيو لعام 1968، أطلق عليه الفلسطيني سرحان بشارة سرحان النار، وأرداه قتيلا، في حادثة غامضة، في فندق الامباسودور بمدينة لوس انجلوس، وهي الحادثة، التي كثرت التكهنات حولها، حتى قال أحد المعلقين: «هناك أحد ما يلاحق هذه الأسرة ويقتل أفرادها!».
بعد هذه الحادثة، لم يتبق من أسرة آل كينيدي إلا الشقيق الأصغر، تيد كينيدي، عضو مجلس الشيوخ الشهير، الذي سجل التاريخ خطاباته الشهيرة، ومناكفاته السياسية، خصوصًا ضد آل بوش، الذي قرر أن يخوض المغامرة، ويترشح للرئاسة، رغم تحذيرات المقربين منه بأن لا يفعل، وقد ترشح للرئاسة، في انتخابات العام 1980، وكان من المرجح أن يفوز بترشيح الحزب، ومن ثم الرئاسة، ولكنه خسر ترشيح الحزب الديمقراطي، أمام الرئيس جيمي كارتر، وذلك بسبب حادثة وقعت قبل ذلك بسنوات، وصنفت على أنها جريمة، وذلك عندما غرقت سيارته، وبداخلها فتاة، وهرب دون أن يبلغ عن ذلك!، ومع ذلك فقد بقي حتى وفاته، في 2008، عملاقًا سياسيًا، ومن أبرز الساسة الأمريكيين على الإطلاق، والخلاصة هي أن آل كينيدي كانوا نجومًا في الساحة السياسية، ولكنها نجومية ظللتها المآسي الكبرى.